قلنا اما ما ضمنا لكم أن يكون كل واحد من القوم ذهب إلى مذهبه للدليل عليه من جهة النص وانما ألزمناكم تجويز سبب كل قابل منهم بوجه اعتقده دليلا قد يجوز أن يكون فيه مخطئا ومصيبا ولو أخطأت الجماعة في استدلالها على أقوالها الا واحدا فيها لم يضرنا فيما قصدناه لان الذي امن من اجماعهم على الخطاء لا يؤمن من اجماع أكثرهم ففقدكم نصوص الكتاب والسنة أدلة لتلك المذاهب لا يدخل على ما قلناه اللهم الا أن يريد وإنا فقدنا ما يمكن التعلق به أو الاعتقاد فيه انه دليل فهذا إذا ادعيتموه علمتم ما فيه وقيل لكم من اين قلتم ذلك و كيف يحاط بمثله ويقطع عليه وهل هذا الا الحجر في الشبه طريق (طريف خ ر) وليس يجب في الشبه ما يجب في الدلالة (الأدلة خ ر) فان تلك تنحصر والشبه لا ينحصر على انا نقول وما نجد لقول كل واحد من الجماعة علة تقتضي القول بمذهبه فيجب أن ينفى اعتمادهم في هذه المذاهب على العلل القياسية فان قالوا انكم لم تجدوا علة يجب عندها الحكم بكل ما حكى من المذاهب والا فأنتم تجدون ما يمكن ان يجعل علة ويعتقد عنده المذاهب قلنا وكذلك نقول لكم فيما تقدم على انا نقول لهم لم أنكرتم ان يكون من ذهب في الحرام إلى الطلاق الثلث انما قال بذلك بحيث (من حيث خ ر) جعله ككنايات الطلاق التي هي طلاق على الحقيقة ولها احكام للطلاق عند كثير منهم من غير اختيار الشبه ورجع في ذلك إلى النص في الطلاق وادخله في جملة ما يتناوله الاسم ومن قال انه يمين يرجع أيضا إلى نص الكتاب الذي يرجع إليه انها يكون في زماننا بان الحرام يمين وهو قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك ثم قوله بعد قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم وان النبي صلى الله عليه وآله حرم على نفسه مارية القبطية أو شرب العسل على اختلاف الرواية في ذلك فانزل الله ما تلوناه وسماه يمينا بقوله قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم فدخل فيما يتناوله اللفظ ومن عجيب الامر انهم يجدون كثيرا من الفقهاء في زماننا يعتمدون ذلك في هذه المسألة ويعولون على هذا الظاهر ويتعجبون أن يكون بعض الصحابة رجع في شئ من المذاهب التي حكوها إلى النص ويقطعون على انه لا مخرج لها في النصوص وهذا يدل على قلة التأمل ويمكن أيضا مثل ذلك فيمن ذهب إلى انه ظهار وأن يكون اجراه مجرى الظهار في تناول الاسم له وان كان لفظه مخالفا للفظ الظهار كما كانت كنايات الطلاق مخالفة للفظ الطلاق وأجريت مجراه وكذلك لفظ الحرام مخالف لليمين واجري في تناول الاسم مجراه ومن ذهب إلى انه تطليقة واحدة كأنه ذهب إلى الطلاق والى أقل ما يقع به والذاهب إلى الثلث ذهب إلى الأكثر والأعم وكل هذا ممكن أن يتعلق فيه بالظواهر والنصوص ويكفى الإشارة إلى ما يمكن أن يكون متعلقا وليس يلزم أن يكون حجة قاطعة ودليلا صحيحا فاما قول مسروق فواضح انه لم يقله قياسا وانه لما لم يجعل لهذا القول تأثيرا تمسك في الأصل بالحكم أو ببعض الظواهر التي تخطر تحريم المحلل فان قالوا لو كانوا رجعوا في هذه الأقوال إلى ظواهر النصوص أو أدلتها على ما ذكرتم لوجب أن يخطئ بعضهم بعضا لان الحق لا يكون الا في أحد الأقوال قلنا لا شئ أبلغ في التخطئة من المجاهرة بالخلاف والفتوى بخلاف المذهب وهذا
(٩٧)