نسخ عن المحصن بالرجم فاما على ما يذهب إليه أصحابنا فإنه تجتمع له الجلد والرجم جميعا ولا يسلمون أحدهما منسوخ وهذه جملة كافية في هذا الباب فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها يعلم الناسخ ناسخا والمنسوخ منسوخا بشيئين أحدهما أن يكون الثاني منبئا عن نسخ الأول لفظا أو يقتضى ذلك من جهة المعنى ولهذين الوجهين تفصيل واما يقتضيه ذلك لفظا فعلى وجوه أحدهما أن يرد الخطاب بأن الثاني قد نسخ الأول نحو ما روى ان رمضان نسخ عاشورا وان الزكاة نسخت الحقوق الواجبة في الأموال وثانيها أن يرد بلفظ التخفيف نحو قوله الان خفف الله عنكم في نسخ ثبات الواحد للعشرة بالواحد للاثنين ونحو قوله تعالى أأشفقتم ان تقدموا بين يدي نجويكم (نجويكم) صدقات فان لم تفعلوا وتاب الله عليكم فنبه بذلك على وجوب اسقاط ذلك وثالثها نحو ما روى عنه (ع) كنت نهيتكم (نهيتكم) عن زيارة القبور الا فزوروها وعن ادخار لحوم الأضاحي الا فادخروها وكل ذلك أدلة تقتضي زوال الحكم الثابت بنص متقدم عن نظاير ذلك على وجه لولاه لكان ثابتا بالأول فيجب أن يكون ناسخا له والأول منسوخا به وان اختلف عبارته واما ما يعلم ذلك من جهة المعنى نحو أن يوجب (الشئ ثم يوجب) ما يضاده على وجه لا يمكن الجمع بينهما بأي وجه علم ان ذلك من الالفاظ فيعلم بذلك انه ناسخ للأول فعلى هذا يجرى هذا الباب وقد يعلم أيضا ان الناسخ ناسخا ببيان إذا كان اللفظ والمعنى لا ينبئان عن ذلك وذلك نحو ما تقوله الفقهاء من نسخ الوصية للوالدين والأقربين باية المواريث لان بظاهر الآية لا يعلم نسخ ذلك وانما يعلم ذلك على تسليم بقوله (ع) ان الله تعالى قد اعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث فهذا وان كان عندنا غير صحيح لان عندنا تصح الوصية للوارث وانما ذكرناه لان ذلك وجه كان يمكن أن يقع به النسخ واما طاووس ره فذهب إلى أن الوالدين تثبت لهما الوصية إذا كانا كافرين فلم ينسخ الآية وانما خصصها بالخبر واما تاريخ الناسخ والمنسوخ فيعرف من وجوه أحدها أن يكون في لفظ الناسخ ما يدل على ان بعده مثل ما قدمنا ذكره ومنها أن يكون الناسخ مضافا إلى وقت أو غزاة يعلم انه بعد وقت المنسوخ ومنها أن يكون المعلوم من حال الراوي لأحدهما انه صحب الرسول (ع) بعد ما صحب الاخر أو عند صحبته انقطعت صحبة الأول والمعلوم من حال الحكم الأول انه كان في وقت قبل وقت صحبته الثاني وذلك نحو ما روى قيس بن طلق انه جاء إلى النبي (ع) وهو يؤسس المسجد فسأله عن مس الذكر ومعلوم من حال أبي هريرة انه صحب النبي (ع) بعده وقد يعلم التاريخ بقول الصحابي بأن يقول أو يحكم ان أحد الحديثين كان بعد الاخر وليس يجب من حيث لم يجز أن ينسخ بقول الصحابي الكتاب الا نعرف بقوله التاريخ لان التاريخ شرطه في صحة النسخ فطرق العلم به الحكاية فصح الرجوع إلى قوله لأنه لا يقع فيه ليس كما صح اثبات الاحصان بالشاهدين وان لم يصح بهما الحكم بحد الزنا وليس يجب إذا علمنا التاريخ بقول الصحابي ان نقلده إذا أخبرنا ان كذا نسخ كذا بل يجب أن ينظر فيما وصفه انه منسوخ فان علمنا انه كما قال أخذنا به والا وقفنا فيه لان ذلك يجوز دخوله الشبهة فيه ولذلك لم يقبل كثير من الفقهاء قول من قال
(٥٠)