أو الإقرار منه عقيب الفعل الأول أو بعده بزمان متراخ على ما جوزناه من تأخير البيان عن وقت الخطاب فاما من أبي ذلك فإنه لا يجوز ذلك الا إذا كان عقيب الفعل الأول على (لا ظ و) بعد ذلك عنده واما تخصيصه (ع) نفسه فإنه لا يصح لان التخصيص يدل على انه (ع) من الجملة لم يرد وفعله (ع) قد أنبأ على انه مراد فيستحيل تخصيصه نفسه في الحال من هذه الوجوه فاما في المستقبل فإنه لا يمتنع ذلك واما القول في فعله وأمره إذا تضادا و تعارضا فإنه يجب أن ينظر فيهما فان كان القول متقدما وقد مضى الوقت الذي يجب فعله فيه ثم فعل (ع) ما يعارض ذلك فهو نسخ وذلك نحو تركه قتل الشارب الخمر في المرة الرابعة بعد قوله فان شربها الرابعة فاقتلوه على ما يرويه مخالفونا وانما ذكرناه مثالا لو ثبت فان فعل ذلك قبل مجيئ الوقت الذي تعبدنا بالفعل فيه فلا يصح أن يكون نسخا بل يجب حمله على انه مخصوص لان النسخ قبل الوقت لا يجوز اما إذا تقدم الفعل ثم وجد القول يقتضى رفع ما اقتضاه الفعل فذلك نسخ لا محالة لأنه متأخر عن حال استقرار الغرض فإذا لم نعلم المتقدم من المتأخر وكان قوله يقتضى وجوب الفعل أو خطره وكان فعله يقتضى خلاف ذلك فالاخذ بالقول أولى لان فعله لا يتعداه الا بدليل ومن حق قوله ان يتعداه ولا يصح أن يكون مقصورا عليه فإذا صح ذلك واجتمعا فالواجب أن يتمسك بقوله ويحمل فعله على انه مخصوص به لان قوله لا يصح قصره عليه ويصح قصر فعله عليه فإذا اجتمعا فبان يتمسك بالقول الذي من حقه ان يتناولنا أولى من الفعل سيما وقد أثبت ان أقواله على الوجوب وان افعاله موقوفة على الدلالة وكل ذلك يوجب ترجيح قوله (ع) على فعله فصل في انه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا عندنا ان النبي (ع) لم يكن متعبدا بشريعة من تقدمه من الأنبياء لا قبل النبوة ولا بعدها وان جميع ما تعبد به كان شرعا له ويقول أصحابنا انه (ع) قبل البعثة كان يوحى إليه بأشياء تخصه وكان يعمل بالوحي لا اتباعا لشريعة واما لفقهاء فقد اختلفوا في ذلك والمتكلمون فالذي ذهب إليه أكثر المتكلمين من أهل العدل وهو مذهب أبي هاشم وأبي على انه لم يكن متعبدا بشريعة من تقدمه وان جميع ما تعبد به كان شرعا له دون من تقدمه وحكى أبو عبد الله عن أبي الحسن انه ربما نص هذا وربما نص خلافه وفي العلماء من قال انه كان متعبد بشريعة من تقدمه واختلفوا فمنهم من قال تعبد بشريعة إبراهيم ومنهم من قال تعبد بشريعة موسى واختلف المتكلون في انه (ع) قبل البعثة هل كان متعبدا بشئ من الشرايع أم لا فمنهم من قطع على انه كان متعبدا بشريعة بعض من تقدمه من الأنبياء ومنهم من قطع على خلافه ومنهم من توقف في ذلك وجوز كلا الامرين والذي يدل على ما ذهبنا إليه اجماع الفرقة المحقة لأنه لا اختلاف بينهم في ذلك وإجماعها حجة على ما نستدل عليه انشاء الله ويدل على ذلك أيضا ما ثبت بالاجماع من انه (ع) أفضل من جميع الأنبياء ولا يجوز أن يؤمر الفاضل باتباع المفضول على ما دللنا عليه في غير موضع فان قيل فمن اين يعلم انه كان قبل
(٦٠)