عليها ما يصح النسخ به ويقول إذا دل خبر الواحد أو القياس على نسخ شئ من القران وجب رده لان نسخ القران بذلك لا يجوز وعلى هذا يبنى المسائل في الفروع كل أحد على ما يذهب إليه وهذه جملة كافية في هذا الباب فصل في ان النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه حكى أبو عبد الله البصري عن أبي الحسن الكرخي انه كان يقول ان العبادة إذا نسخ بعضها لا يكون ذلك نسخا لجميعها ويجرى ذلك مجرى العموم إذا خص أو استثنى منه فان ذلك لا يكون تخصيصا للكل فكان يعتل لذلك بان القبلة نسخت ولم يوجب ذلك نسخا للصلاة وكان يلحق بذلك صيام عاشوراء ونسخه بشهر رمضان ويقول ان النسخ تناول الوقت لا العبادة وان الواجب من الصوم في رمضان هو الذي كان واجبا في عاشورا كان يجعل ذلك أصلا في ان الشرط الحاصل للعبادة الأولى يجب أن يكون حاصلا للثانية أيضا ويقول إذا كان المتفرد في صوم عاشورا انه يجوز بنية غير مبنية فكذلك يجب في رمضان لان صوم رمضان هو صوم عاشوراء وانما نسخ وقته وذهب بعضهم إلى ان النقصان في العبادة يقتضى النسخ وفي كلام الشافعي ما يدل على ذلك ولا خلاف ان النقصان يقتضى نسخ ما اسقط لأنه كان واجبا في جملة العبادة ثم أزيل وجوبه وانما الخلاف في انه يقتضى نسخ ما بقي من العبادة أم لا والذي ينبغي أن يعتمد في هذا الباب أن يقال العبادات الشرعية قد تكون جملة ذات شروط كالصلاة ويكون فعلا واحدا وله شروط وقد يكون فعلا مجردا عن الشرط فإذا كانت العبادة فعلا واحدا فالنسخ انما يصح فيها بأن يسقط وجوبها ولا يصح ان ينسخ بعضها لأنه لا بعض لها فاما نسخ شروطها فإنه لا توجب نسخها وكذلك نسخ شروط الجملة التي هي ذات شروط ولا يوجب (يجب خ ر) نسخها لان من حق الشروط أن يكون في حكم التابع للمشروط لأنه يجب لأجله وليس في نسخه تغيير حال المشروط وهذا مثل أن ينسخ الطهارة فان ذلك لا يوجب نسخ الصلاة بل يجب بقاء حكم الصلاة على ما كان عليه من قبل فاما إذا نسخ بعض تلك الجملة كنسخ القبلة أو كنسخ ركوع أو سجود فان ذلك يوجب نسخ الجملة لان تلك الجملة في المستقبل لو أوقعت على الحد الذي كانت واجبة أولا لم يجز ووجب اعادتها فصار نقصان القبلة بمنزلة اخراج الصلاة من كونها واجبة وجائزة فلذلك وجب أن يكون نسخا وهو بمنزلة الزيادة أيضا في هذا الوجه فيجب أن يكون مثلها في انه نسخ فان قيل ان القبلة إذا نسخت فما بقي من الصلاة هي عبارة مبتداة لم يكن مثله من قبل واجبا فكيف يصح أن يقولوا انه نسخ قيل له انه وان لم تجب الصلاة من قبل على هذا الوجه فما كان واجبا من قبل من الصلاة لو فعل الان لم يجز فوجب أن يكون اسقاط القبلة نسخا له من هذا الوجه فاما صوم عاشوراء فإنما يقال انه نسخ برمضان بمعنى انه (ان خ ر) عند سقوط وجوبه امر بصيام رمضان مما نسخ له لان الحكم انما ينسخ حكما اخر إذا لم يصح ان يجتمعا على وجه فاما إذا صح وجوب الثاني مع الأول ويمكن فعلهما جميعا فأحدهما لا يكون ناسخا للاخر ولذلك قلنا ان قول الله تعالى ولأبويه
(٤٣)