أن لا يعول في الحالة الثانية الا بما يقوم عليه دليل كما قلنا في الأول وذلك يبطل استصحاب الحال وقولهم انا على ما كنا عليه ليس بدليل على ان الحالة الثانية حال اجتهاد عند من قال بذلك والحالة الأولى متفق عليها لا يجوز فيها الاجتهاد فان قالوا ان حدوث الحوادث لا يغير الاحكام الثانية ولم يجعل في الاحكام الثانية الا حدوث حادث فيجب أن لا يزيل الحكم الأول الا بدليل قيل ان حدوث الحوادث انما لا يؤثر في ثبوت الحكم إذا كان الدليل قد اقتضى دوامه فاما إذا اقتضى اثباته في وقت مخصوص فطر والوقت الثاني يقتضى زوال حكمه لا محالة على ان كل الحوادث وان كانت لا تؤثر في الحكم الثابت فان الحوادث التي اختلفت الناس عباد حدوثها في بقاء الحكم الأول عندها مؤثر في ذلك لان الاتفاق قد زال عند حدوثه فعلى من استصحب الحكم الأول دليل مبتدأ كما ان على المتنفل عنه دليل مبتدأ واستدل من نصر استصحاب الحال بما روى عن النبي (ع) انه قال ان الشيطان يأتي أحدكم فينفح (فينفخ) بين أليتيه فيقول أحدثت أحدثت فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فبقائه على الحالة الأولى وأيضا فقد اتفقوا على ان من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث ان عليه أن يستصحب الحال الأولى فينبغي أن يجعل ذلك عبرة في نظائره واعترض ذلك من نفى القول به بأن قال انما قلنا في هذين الموضعين لقيام دليل وهو قول النبي (ع) وتسويته بين الحالين وكذلك الاتفاق على ان حال الشك في الحدث مثل حال اليقين الطهارة فلا شك معها فنظير ذلك ان يقوم في كل موضع دليل على ان الحالة الثانية مثل الحالة الأولى حتى نصير إليه والذي يمكن أن ينصر به طريقة استصحاب الحال ما أومأنا إليه من أن يقال لو كانت الحالة الثانية مغيرة للحكم الأول لكان على ذلك دليل وإذا تتبعنا جميع الأدلة فلم نجد فيها ما يدل على ان الحالة الثانية مخالفة للحالة الأولى دل على ان حكم حالة الأولى باق على ما كان فان قيل هذا رجوع إلى الاستدلال بطريقة النفي وذلك خارج عن استصحاب الحال قيل الذي نريد باستصحاب الحال هذا الذي ذكرناه فاما غير ذلك فليس يكاد يحصل غرض القائل به وهذه الجملة كافية في هذا الباب فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع المعلومات على ضربين ضرورية ومكتسبة والمكتسبة على ضربين عقلي وسمعي فالعقلي على ضربين ضرب منه لا يصح ان يعلم بالعقل والضرب الاخر يصح أن يعلم بالعقل والسمع معا فالضروريات نحو العلم بأن الواحد لا يطابق اثنين وان الجسم الواحد لا يكون في مكانين في حال واحدة والعلم بوجوب رد الوديعة وشكر المنعم والانصاف وقبح الظلم والكذب والعبث وما يجرى مجراه مما هو لازم لكمال العقل واما المكتسب الذي لا يصح
(١٢٥)