عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٥٥
يدل على ذلك أيضا واعلم ان التأسي به انما يكون فيما يعلم حكمه بفعله فاما إذا كان قوله بيانا أو كان تنفيذا أو امتثالا لقول متقدم فإنه يفعله ذلك لان القول قد دل على وجوبه لأنه (ع) فعله ولا معنى لقول من قال لنا ان نتأسى به في ذلك كما انا لا نقول انا نتأسى به في العقليات لان ماله يفعل ذلك وبالطريق الذي عرف به (ع) وجوب الفعل به نعرف وجوبه فحاله كحالنا في ذلك فصل في الدلالة على ان افعاله (ع) كلها ليست على الوجوب ذهب مالك وأصحابه وطايفة من أصحاب الشافعي إلى ان افعال النبي (ع) كلها على الوجوب وذهب الباقون إلى انها على الندب واختلفوا فقال بعضهم انها على الإباحة وقال بعضهم انها على الندب وقال بعضهم انها موقوفة على الدليل وذهب المتكلمون وأبو الحسن الكرخي على ان افعاله (ع) على اقسام فمنها ما يكون لمجمل فذلك في حكم المبين ان كان واجبا فعلى الوجوب وان كان ندبا فعلى الندب وان كان مباحا فعلى الإباحة ومنها ما يكون امتثالا للخطاب وذلك لا مدخل له في هذا الباب لان الخطاب إذا كان يتناوله ويتناولنا على العموم فعلينا امتثاله كما عليه ذلك ومنها ما يكون فاعلا له على ما يقتضيه العقل أو يفعله لمصالح الدنيا وذلك أيضا لا مدخل له في هذا الباب ومنها ما يفعله من الشرعيات فهذا يجب أن يعلم الوجه الذي وقع عليه فعله (ع) فيتبع فيه بأن يفعل ذلك على الوجه ولا يصح أن يقال في جملتها انه على الوجوب أو على الندب أو على الإباحة والذي يدل على ذلك انا قد بينا ان ذلك لا يجب من جهة العقل في الفصل الأول وأدلة السمع خالية من ذلك فينبغي أن ينتفى كونها على الوجوب ويدل على ذلك أيضا ان فعله (ع) إذا كان يقع على وجوه كثيرة فليس يخلوا من أن يكون على الوجوب من غير اعتبار ذلك الوجه فالواجب أن يحكم بوجوب الفعل علينا وان علمنا ان (انه خ ر) فعله على طريق الندب أو الإباحة وهذا باطل بالاجماع وان كانت على الوجوب بأن يعتبر الوجوه التي عليها يقع فهذا تناقض لان اعتبار وجوهه ينفى وجوب جميعه يدل على ذلك أيضا انه بظاهر فعله لا يعلم وجوبه عليه فبان لا يعلم وجوبه علينا أولى ويخالف القول (في ذلك لان القول) منه (ع) يعلم وجوب ما تناوله علينا دونه من حيث كان امرا لنا ويختص لنا دونه وليس كذلك فعله لأنا تبع له فيه فإذا لم يدل على وجوبه عليه فان لا يدل على وجوبه علينا أولى و يدل على ذلك أيضا ان فعله (ع) لا يدوم في جميع الأحوال بل قد يتركه أحيانا فإذا صح ذلك فليس بان يحكم بوجوبه لأنه فعله بأولى من أن يحكم بوجوب تركه لأنه تركه إذ القول (الترك خ ر) فعل منه فهو بمنزلة الفعل في ذلك ويفارق ذلك الامر الذي ليس تركه بمنزلته فيما يختص به وهذا معتمد ما نستدل به في هذا الباب دون ما أكثر الناس فيه واما من خالف في هذا الباب فليس يخلو خلافه من ان يقول ان ذلك يجب من جهة العقل من حيث كان نبيا أو من حيث كان في مخالفته تنفير فان قال بذلك فقد بينا في الفعل انه لا يمتنع ان يخالف حالنا لحاله في المصالح وذلك يبطل ما قالوه أو يقول
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125