عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٩٣
قد دل الله تعالى في (بهذه خ ر) هذه الآية على ان المشاركة في العلة تقتضي المشاركة في الحكم وذلك انه قال هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا انهم ما نعتهم حصونهم من الله فأتاهم من حيث لا يحتسبون وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الابصار فذكر ما خل بهم ونبه على علته وسببه ثم امر بالاعتبار وذلك تحذير من مشاركتهم في السبب فلو لم تكن المشاركة في السبب تقتضي المشاركة في الحكم ما كان لهذا القول معنى والكلام على ذلك ان يقال لهم ما تنكرون أن يكون لفظ الاعتبار لا يستفاد منه الحكم بالقياس وانما يستفاد به الاتعاض والتدبر والتفكر وذلك هو المفهوم من ظاهره واطلاقه لأنه لا يقال لمن يستعمل القياس العقلي انه معتبر كما يقال فيمن يتفكر في معاده ويتدبر أمر منقلبه ويتعظ بذلك انه معتبر وكثير الاعتبار وقد يتقدم بعض الناس في العلوم واثبات الاحكام من طريق القياس وتأمل فكره في معاده وتدبره فيقال انه غير معتبرا وقليل الاعتبار وقد يستوى في المعرفة بحال الشئ واثبات حكم اثنان فيوصف أحدهما بالاعتبار دون الاخر على المعنى الذي ذكرناه و لهذا يقولون عند الامر العظيم ان في هذا لعبرة وقال الله تعالى وان لكم في الانعام لعبرة وما روى عن ابن عباس خبر واحد لا يثبت بمثله اللغة ولو صح لكان محمولا على المجاز بشهادة الاستعمال الذي ذكرناه على انا لو سلمنا جواز استعمال الاعتبار في المقايسة لم يكن في الآية دلالة الا على ما ذكر منها من امر الكفار وظنهم ان حصونهم ما نعتهم من الله تعالى ووقوع ما وقع مكانه قال الله تعالى فاعتبروا بذلك يا أولى الابصار وليس يليق هذا الموضع بالقياس في الاحكام الشرعية لأنه تعالى لو صرح بعقب ما ذكر من حال الكفار بأن يقول فقيسوا في الاحكام الشرعية واجتهدوا لكان الكلام لغوا لا فائدة فيه فلا يليق بعضه ببعض فثبت انه أراد الأتعاض والتفكر على انه يمكن ان يقال لهم على تسليم تناول اللفظة للقياس باطلاقها ما تنكرون انا نستعمل موجب الآية بان نقيس الفروع على الأصول في انا لا نثبت لها الاحكام الا بالنصوص لان هذا أيضا قياس فقد ساويناكم في التعلق بالآية فمن اين لكم ان القياس الذي تناوله الآية هو ما تذكرونه دون ما ذكرناه وكلاهما قياس على الحقيقة وليس لهم أن يقولوا نحن نجمع بين الامرين لأنهما يتنافيان والجمع بينهما لا يصح ولا لهم أيضا ان يقولوا قولنا لنا صح (رجح خ ر) من حيث كان فيه اثبات للاحكام وقولكم فيه نفى لها وذلك لان الترجيح بما ذكروه انما يصح متى ثبت كلا وجهي القياس فيصح الترجيح و التفرقة فاما الخلاف فيهما هل يثبتان أو يثبت أحدهما فلا ترجيح يمكن في ذلك ويقال لهم في تعلقهم بالآية ثانيا إذا كان الله تعالى قد نبه على ما زعمتم بالآية على ان المشاركة في السبب و العلة تقتضي المشاركة في الحكم فيجب أن يكون كل من فعل مثل فعل الذين اخبر تعالى عنهم
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125