مما يوحش فان تجويز كون خطائهم في حوادث الشرع كبيرا من حيث لا يعلم كتجويز كل أحد عليهم أن يكون مستسرا بكبيرة يجب لها قطع الولاية ويستحق بها البراءة واللعن غير أن يجوز ذلك عليهم في حوادث الشرع لا يوجب الاقدام على قطع ولايتهم أو سقاط تعظيمهم كما ان تجويز الكبائر عليهم لا يوجب ذلك وانما يوجبه تيقن وقوع الكبائر منهم وفيمن يوافقنا في كون الحق في هذه المسائل في واحد من يقول انى آمن من كون خطائهم في حوادث الشرع كبيرا من حيث الاجماع والأول امرا على النظر على ان مذهبنا فيمن جمع بين الايمان والمعصية معروف وعندنا ان معاصي المؤمنين من أهل الصلاة لا يسقط ولايته وتعظيمه والمعاصي عندنا وان كان جميعها كبيرا فإنها تسمى صغائرا بالإضافة فليس يجوز أن نلعن فاعلها ونحاربه أو نحده أو تستعمل معه الاحكام التي تستعمل مع العصاة الا بتوقف على ذلك وانما يستعمل هذه الاحكام مع بعض عصاة أهل الغلاة بالتوقف وما لم يرد فيه سمع من معاصيهم لا يقدم على المساواة بينه وبين غيره فيما ذكرناه بل يقتصر على الذم المشروط أيضا ببقاء استحقاق العقاب لأنا نجوز من اسقاط الله تعالى لعقابهم تفضلا ما يمنع من استحقاقهم الذم كما منع من استحقاق العقاب فالقول فيما ذكرناه واضح وما ألزموناه باطل على كل مذهب واما تعلقهم بولاية (بتولية خ ر) بعضهم بعضا مع المخالفة في المذهب وان ذلك يدل على التصويب فليس على ما ظنوا وذلك انهم لم يؤل أحد منهم واليا لا شريحا ولا زيدا ولا غيرهما الا على أن يحكم بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وما اجمع عليه المسلمون ولا يتجاوز الحق في الحوادث ولا يتعداه وإذا قلده بهذا الشرط لم يكن ان يقال ان يسوغ له الحكم بخلاف مذهبه لأنهم لا يتمكنون من ان يقولوا انه نص له على شئ مما يخافه فيه وإباحة الحكم فيه بخلاف رأيه وجملة ما تقول انه ليس لاحد أن يقلد حاكما على أن يحكم بمذهب كذا ويقضى برأي فلان بل يقلده على ان يحكم بالكتاب والسنة والاجماع وله يول القوم أحدا الا على هذا الشرط فاما تعلقهم بتسويغ الفتيا وإحالة بعضهم على بعض بها فغير صحيح وذلك انهم يدعون في تسويغ الفتيا ما لا نعلمه وكيف يسوغون الفتيا على جهة التصويب لها ونحن نعلم ان بعضهم قد رد على بعض وخطأه وخوفه بالله تعالى من المقام على الهوى وهذا غاية النكير وان أرادوا انهم سوغوها من حيث لم ينقضوها ويبطلوا الاحكام المخالفة لهم فذلك ليس بتسويغ وسنتكلم عليه وما نعرف أيضا أحدا منهم أرشد في الفتيا إلى من يخالفه فيما يخالفه فيه ولا يقدرون على أن يعينوا واحدا فعل ذلك وانما كان يحيلون بالفتيا في الجملة على أهل العلم والقائلين بالحق والتفصيل غير معلوم من الجملة فاما الزامهم لنا أن ينقض بعضهم على بعض حكمه والواحد على نفسه فيما حكم به فيرجع عنه فغير واجب لان اقرار الحكم وورود العبادة بالامساك عن نقضه لا يوجب كونه صوابا الا ترى انا قد نقر أهل الذمة على ابتياعاتهم الفاسدة ومناكحتهم الباطلة إذا أدوا الجزية ونقتصر على انكاره على اظهار الخلاف مع انا لا نرى شيئا من ذلك صوابا فليس مجيئ العبادة باقرار حكم من الاحكام مع
(١٠٨)