عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٩٢
صاحبه به فان قيل من اين قلتم ان الواجبات في الشرع لا تجب الا لكونها ألطافا ثم من اين قلتم ان ذلك لا يعلم من حالها الا بالسمع ليتم ما ذكرتموه قلنا لان وجوبها إذا ثبت وكان لابد له من وجه لم يخل من القسمين الذين قدمناهما وهما اما صفة تختص الفعل ولا يتعداه أو لتعلقه بغيره على وجه اللطف وليس يجوز في الشرعيات الوجه الأول لأنها لو وجبت لصفة يخصها لجرى (تجري ظ) مجرى رد الوديعة في انه وجه الوجوب أن يعلم على تلك الصفة ويعلم وجوبها متى علمناها لأنه لا يصح ان يجب لصفة تختص بها ولا يصح أن يعلم عليها ولا يعلم وجوبها وقد علمنا ان الصلاة وسائر الشرعيات يعلم بالعقل صفاتها وان لم يعلم وجوبها فدل ذلك على بطلان القسم الأول ولم يبق الا الثاني وإذا ثبت انها تجب الالطاف ولم يكن في العقل دليل على ان وقوع بعض الافعال منا تختار عنده فعلا آخر لان العقل لا يدل على ما تختاره الانسان ولان دلالة العقل أيضا طريقتها واحدة ولم يصح ان يدل على الشئ ونفيه والحكم وضده كما تراه في الشرايع من اختلاف المكلفين والناسخ والمنسوخ فلم يبق الا ان الطريق إليها السمع ولولا ما ذكرناه لما احتج في معرفة المصالح الشرعية إلى بعثة الأنبياء عليهم السلام فان قالوا العقل يقتضى في كل شبيهين ان حكمهما واحد من حيث اشتبها فوجب أن يحكم في الأرز بحكم البر عقلا وان لم يأت السمع قيل لهم الاشتباه الذي يقتضى المشاركة في الحكم هو فيما يعلم ان الحكم فيه يجب عن ذلك الشبه أو يكون في حكم الموجب عنه نحو علمنا بان ما شارك العالم في وجوب العلم في قلبه يجب كونه عالما وما شارك رد الوديعة في هذه الصفة كان واجبا فاما العلل التي هي أمارات أفلا يجب بالمشاركة فيها المشاركة في الحكم لان العقل لا يعلم به كونه علة جملة ولو علم كونها علة لم يجب فيما شاركه فيها مثل حكمها لان المصالح الشرعية مختلفة من حيث تعلقت بالاختيار فلا مدخل للايجاب فيها ولهذا جاز أن يكون الشئ في الشرع مصلحة وما هو مثله مفسدة وجاز اختلاف الأعيان والأوقات في ذلك فان قال إذا حرم الله (تعالى) الخمر ورأيت التحريم تابعا للشدة يثبت بثبوتها ويزول بزوالها علمت ان علة الشدة ولا احتاج إلى السمع كما لا احتياج في العقليات إليه قيل له ليس يكون ما ذكرته من الاعتبار أقوى من أن ينص الرسول صلى الله عليه وآله في الخمر ان علة تحريمها هي الشدة وقد بينا ان ذلك لا يوجب التخطي ولا يقتضى اثبات التحريم في كل شديد الا بعد التعبد بالقياس لأنه غير ممتنع ان مخالفا في المصلحة وان وافقه في الشدة وبينا ان النص على العلة الشرعية يجرى مجرى النص على الحكم في امتناع التخطي الا بدليل مستأنف فاما من زعم ان السمع قد ورد بالتعبد بالقياس فنحن نذكر قوى ما اعتمده و نتكلم على شئ منه أحد ما اعتمدوه قوله تعالى فاعتبروا يا أولى الابصار قالوا والاعتبار هو المقايسة لان الميزان يسمى معيارا من حيث قيس به مساواة الشئ بغيره ولما روى عن ابن عباس من قوله في الأسنان اعتبروا حالها بالأصابع التي ديها متساوية وربما استدلوا بالآية على وجه اخر فقالوا
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125