ونبين انه لا دلالة في شئ منها والسنة على ضربين متواتر وآحاد فالتواتر يوجب العلم الضروري على مذهب الخصم وعلى مذهبنا يوجب العلم الذي لا يتخالجنا فيه الشك أو كان مما يستدل على صحته إذا كان شرط التواتر فيه والضرب الاخر اخبار آحاد فالقسم الأول مفقود في الاخبار التي يستدل بها على صحة العمل بالقياس لأنها ليست معلومة جملة لا ضروريا ولا استدلالا والقسم الاخر لا يجوز استعماله في هذه المسألة لأنها من باب العلم دون العمل وخبر الواحد يوجب غلبة الظن فلا يجوز استعماله فيما طريقه العلم بلا خلاف واما الاجماع فليس فيه أيضا لان هذه مسألة خلاف ونحن نبين ما يدعونه من اجماع الصحابة ونتكلم عليه انشاء الله والطريقة الثانية ان نقول قد ورد من الشرع بما يمنع من العمل بالقياس وأقوى ما اعتمد في ذلك اجماع الطائفة المحقة وقد ثبت ان اجماعهم حجة لأنه يشتمل على قوم معصوم لا يجوز عليه الخطأ على ما بيناه فيما تقدم وقد علمنا انهم مجمعون على ابطال القياس والمنع من استعماله وليس لاحد ان يعارض هذه الاجماع لمن يذهب إلى مذهب الزيدية والمعتزلة من أهل البيت عليهم السلام وقال مع ذلك بالقياس لان هؤلاء لا اعتبار بمثلهم لان من خالف في أصول الخلاف الذي يوجب التكفير أو التفسيق لا يدخل قوله في جملة من يعتبر اجماعهم ويجعله حجة لأنا قد بينا ان كل من علمنا انه ليس بامام فانا لا نعتد بخلافه ونرجع إلى الفرقة الأخرى التي نعلم كون الامام في جملتهم على انا كما نعلم من مذهب أبي حنيفة والشافعي القياس كذلك نعلم ان من مذهب أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق عليهما السلام نفى القياس وتظاهر الاخبار عنهما بالمنع منه والمناظرة للمخالفين فيه كتظاهرها عمن ذهب إليه في خلاف ذلك وليس يدفع عنهما هذا الا من استحسن المكابرة وقد علما ان قولهما حجة وقول كل واحد منهما لأنهما الامامان المعصومان ولا يجوز عليهما الخطاء في الفعل والاعتقاد وقد اعتمد من نظر هذه الطريقة التي ذكرناها على آيات ليس فيها ما يدل على ذلك مما يمكن الاعتماد عليه وعلى جميعها اعتراض فمن ذلك تعلقهم بقوله تعالى لا تقدموا بين يدي الله ورسوله وصار ذلك بمنزلة ما نص عليه وانما تكون تقدما بين أيديهما لو قيل به من غير دلالة ولا استناد إلى علم وتعلقوا أيضا بقوله ولا تقف ما ليس لك به علم وبقوله وان تقولوا على الله ما لا تعلمون وللمخالف ان يقول ما قلنا بالقياس الا بالعلم وعن العلم فلم يخالف ظاهر الكتاب وانما ظننتم علينا ان نعلق الاحكام بالظنون وليس نفعل ذلك بل الحكم عندنا معلوم وان كان الطريق إليه الظن على الوجه الذي مثلنا به من العقليات وتعقلوا بقوله ما فرطنا في الكتاب من شئ وقوله تبيانا لكل شئ وقوله اليوم أكملت لكم دينكم وللمخالف أن يقول ان القياس إذا دل الله عليه وأوجب العمل به فقد دخل في جملة ما بين في الكتاب ولم يقع فيه تفريط لان الكتاب قد دل على صحة اجماع الأمة ووجوب اتباع السنة فإذا علمناه بالاجماع والسنة صحة القياس جاز إضافة هذا العلم والبيان إلى الكتاب
(٩٠)