عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٨٥
ويجب أن يعلم ان الظن وان كان طريقا إلى العلم بوجوب الاحكام على نحو ما ذكرنا وساوى هذا الوجه العلم لأنه لا فصل بين أن نظن جهة القبلة وبين أن نعلمها في وجوب التوجه إليها وكذلك لا فصل بين أن نظن الخسران في التجارة أو نعلمه في قبحها فإنه لا يساوى العلم من وجوه اخر ولا يقوم فيها مقامه لان الفعل الذي يلزم المكلف فعله لابد أن يكون معلوما له أو في حكمه المعلوم بأن يكون متمكنا من العلم به أو يكون سببه معلوما إذا تعذر العلم بعينه ولابد أيضا ان يعلم وجوبه ووجه وجوبه اما جملة أو على تفصيل والظن في كل هذه الوجوه لا يقوم مقامه لأنه متى لم يكن عالما بما ذكرناه أولا أو متمكنا من العلم به لم يكن علته مزاحة فيما يعتدى به وجرى مجرى الا يكون قادرا لأنه متى لم يعلم الفعل ويميزه لم يتمكن من القصد إليه بعينه وبالظن لا يتميز الأشياء وانما يتميز بالعلم ومتى لم يكن عالما بوجوب الفعل كان مجوزا كونه غير واجب فيكون متى اقدم عليه مقدما على ما لا يأمن كونه قبيحا والا قدم على ذلك في القبح يجرى مجرى الاقدام على ما يعلم قبحه ومتى علم كونه واجبا فلابد من أن يعلم وجه وجوبه على جملة أو تفصيل لأنه لو كان ظانا لوجه وجوبه كان مجوزا انتفاء وجه الوجوب عنه ودعا الامر إلى تجويز كونه غير واجب وهذه الجملة إذا تأملت بطل بها قول من انكر تعلق الاحكام بالظنون ومن توهم على من سلك هذه الطريقة انه قد أثبت الاحكام بالظنون فقد ابعد نهاية البعد لان الاحكام لا تكون الا معلومة ولا تثبت الا من طريق العلم لان الطريق إليها قد يكون تارة العلم وأخرى الظن لأنا إذا ظننا في طريق سبعا وجب علينا أن تجنب (نتجنب) سلوكه فالحكم الذي هو قبيح سلوكه وجب تجنبه معلوم لا مظنون وان كان الطريق إليه هو الظن ومتعلق الظن غير متعلق العلم لان الظن يتعلق بكون السبع في الطريق والعلم يتعلق بقبح سلوك الطريق والقول في العلم بوجوب التوجه إلى جهة القبلة عند الظن بأنها في بعض الجهات يجرى على ما ذكرناه ويكون الحكم فيه معلوما وان كان الطريق إليه مظنونا فاما من منع من القياس من حيث يؤدى إلى تضاد الاحكام فاعتماده على أن يقول إذا كان الفرع شبه بأصل محرم واصل محلل فلابد على مذهب القائلين بالقياس من رده اليهما جميعا وهذا يؤدى في العين الواحدة إلى أن يكون محرمة محللة ومن أثبت القياس يقول في جواب ذلك ان كان الفرع مشتبها لأصل محرم واصل محلل عند اثنين لزم كل واحد منهما ما أداه اجتهاده إليه فيلزم التحريم من أشبه عنده الأصل المحرم والتحليل من أشبه عنده الأصل المحلل ولا تضاد في ذلك وان أشبه الأصلين المختلفين عند واحد فهو عند كثير منهم يكون مخيرا بين الامرين فأيهما اختاروا لزمه كما يقال في الكفارات الثلث ولا تضاد في ذلك وعند قوم منهم انه لابد في هذه الموضع من ترجيح يقتضى حمل الفرع على أحدهما دون صاحبه اما من أبطل القياس من حيث لا طريق إلى غلبة الظن في الشريعة
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125