يعلم باجماعهم نبوته فان قيل كيف يصح هذا القول والامام عينه الا بنص الرسول عليه السالم لان الله تعالى بعلمه ذلك بالوحي والامام لا يوحى إليه فيعلم انه امام فكيف يدعى انه امام وكيف يعلم صحة دعواه قيل له اما العلم بكونه اماما فقد يحصل لنا العلم المعجز الذي يظهره الله تعالى على يده يتضمن تصديقه فيما يدعيه ويدعى هو انه الامام المعصوم الذي لا يخلو الزمان منه واظهار المعجزات يجوز عندنا على الأئمة والصالحين أيضا وقد دللنا على ذلك لا يوحى تلخيص الشافعي لاما الامام نفسه فإنما يعلم كونه اماما إذا كان ممن في كتاب إليه على ما قرر في السؤال بقول نبي يتقدمه ثم ينص هو على من بعده وكذلك في المستقبل الأوقات فإذا اجمعوا على قول كان معصوم العصر فيه على نبوة نبي آخر علم صحة نبوته ولا يحتاج إلى علم معجز بل كان ذلك كافيا في العلم بصدقة وقد يجوز أن يكون الامام الأول نبيا لأنه لا تنافى بين المنزلتين بل يصح اجتماعهما وإذا جاز ذلك فإذا فرضنا ان أول الأئمة نبي جاز أن يعلم امامة من بعده وكذلك نبوة من يأتي في المستقبل بنص عليه أو باعتبار الاجماع الذي يدخل فيهم فان قيل هذا القول يؤدى إلى ان العقل لا ينفك من السمع لأنه إذا كان لابد للمكلفين من امام معصوم في كل حال وفي أول حال التكليف ولابد لهم من امام ولا يعلم كونه اماما الا بنبوته (اما خ ل) أو بنبوة من بعده فينص عليه فقد صار التكليف لا ينفك من السمع وذلك يأباه كثير منكم قيل من أصحابنا من قال بذلك فعلى مذهبه سقط السؤال ومن قال انه يجوز أن يخلو العقل من السمع فإنما يريد بذلك السمع الشرعي الذي يتضمن العبادات والاحكام فاما سمعا يتضمن الدلالة على عين الامام المعصوم فإنه لا يجيز أحد من الطايفة خلو التكليف منه وعلى هذا المذهب أيضا قد سقط السؤال واما كيفية اجماعهم فيكون على ضروب منها ان يجمعوا على مسألة قولا فيعلم بذلك صحة المسألة ومنها أن يجمعوا عليها قولا وفعلا بأن يقول بعضهم ويفعل بعضهم فيعلم بذلك صحتها ولابد في هذه الوجوه كلها أن يعلم انهم لم يجمعوا على ذلك بضروب من التقية لان ما يوجب التقية يحمل على اظهار القول بغير الحق وكذلك يحمل على كل فعل وان كان الحق في خلافه فلذلك شرطنا فيه ارتفاع التقية ومنها أن يعلم رضاهم بالمسألة واعتقادهم بصحتها فان ذلك أيضا يدل على صحتها وهذا الوجه لا يحتاج أن يعلم منه زوال التقية لان الرضا من افعال القلوب والتقية لا تحمل على ذلك وانما تحمل على افعال الجوارح ولا يجوز ومنها ان يجمعوا على الذهاب عما يجب ان يعلموا لان الامام يجب عندنا ان يكون عالما بجميع ما نصب فيه وجعل حاكما فيه فلا يجوز أن يكون امر يجب أن يعلم فلا يعلمونه كلهم لان ذلك يؤدى إلى نقص كون الامام عالما بجميع الاحكام ويؤدى أيضا إلى نقض كون المعصوم في جملتهم لان المعصوم لا يجوز أن يخل بما تجب معرفته فاما ما لا يجب العلم فلا يمتنع ان يذهب عن جميعهم لأنه ليس هيهنا وجه يوجب علمهم
(٧٩)