عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٨٨
والاجتهاد مع كثرتهم وتدينهم يخبرون عن أنفسهم بالظنون ويعلمون عليها ومثل هؤلاء أو طايفة منهم لا يجوز أن يكذبوا على أنفسهم فكيف مع الظنون وهذه حالها فليس بشئ لان لن نفى الظن أن يقول لست اكذب هؤلاء المجتهدين في انهم يجدون أنفسهم على اعتقاد ما وانما أكذبهم في قولهم انه ظن وواقع عن القوم امارة والعلم بالفرق بين الاعتقاد المبتدى والظن ليس بضرورة فكان القوم سبقوا إلى اعتقادات ليس ظنونا ودخلت عليهم الشبهة فاعتقدوا ان لها احكام الظنون وليست كذلك على ان هذا يرجع عليهم فيمن يدعى من أهل القياس ان على الاحكام أدلة توجب العلم فيقال لهم كيف يصح على هؤلاء مع كثرتهم أن يدعوا انهم عالمون ويخبرون عن نفوسهم بما يجدونها عليه من السكون وهم مع ذلك كذبه وهكذا السؤال عليهم في المخالفين لهم في أصول الديانات إذا ادعوا العلم بمذاهبهم وسكونهم إلى اعتقاداتهم فلابد لهم في الجواب مما ذكرناه من ان القوم لم يكذبوا في انهم معتقدون وانما غلطوا في ان تلك الاعتقادات علوم فاما طريقة النظام ومن تابعه في ابطال القياس فاعتمادهم على ان الشرعيات وقعت على وجوه لا يمكن معها دخول القياس فالذي يعولون عليه أن يقولوا وجدنا الشرع واردا باختلاف المتفقين واتفاق المختلفين كإيجاب القضاء على الحايض في الصوم واسقاطه عنها في الصلاة وهي أوكد من الصوم وايجابه على المسافر القضاء فيما قصر في الصوم واسقاطه عنه فيما قصر من الصلاة وكايجاب الغسل بخروج الولد والمنى وهما أنضف من البول والغائط الذان يوجب ان الطهارة وإباحة النظر إلى الأمة الحسناء والى محاسنها و خطر ذلك من الحرة وان كانت شوهاء قالوا كيف يسوغ القياس فيما هذه حاله ومن حقه ان يدخل فيما يتفق فيه احكام المتفقات وتختلف احكام المختلفات وهذا لا يصح اعتماده في نفى القياس وذلك ان لمشبه ان يقول اما اطلاق القول بان المتفقين لا يختلفان في الحكم والمختلفين لا يتفقان في الحكم فغلط والصحيح ان المتفقين لا يختلفان في الحكم يقتضيه اتفاقها وكذلك المختلفان في الحكم الذي يقتضيه اتصافها لان المراعى في هذا الباب هو الأسباب والعلل والاحكام التي يجب اتفاق المتفقات واختلاف المختلفات هي الراجعة إلى صفات الذات وانما وجب ذلك فيها لان المتفقين قد اشتركا في سبب الحكم وعلته والمختلفين قد افترقا في ذلك فلابد مما ذكرناه فاما الدلالة إذا لم يكن الحكم راجعا إلى الذوات فهو موقوف على الدلالة فان اتفق المختلفان في علته وسببه اتفقا فيه وان اختلف المتفقان فيهما اختلفا فيه وعلى هذا لا ينكر أن يكون الحيض وان كان سببا لسقوط الصوم والصلاة معا واتفقا في ذلك أن يختلفا في حكم اخر يوجب في أحدهما الإعادة ولا يوجبها الاخر فيكون الاختلاف من وجه والاتفاق من اخر وقد زال التناقض لان القضاء إذا اختص بعلة غير علة السقوط لم يكن باتفاقهما في علة السقوط معتبر في العقل هذا توضيح للمنع السابق وتمهيد مقدمة للنقض الاجمالي الأول المذكور بقوله فان كان ما أورده الخ مثال ذلك لأنا نعلم ان النفع المحض إذا حصل في الفعل اقتضى حسنه وقد يحصل في الكذب النفع فلا يكون الا قبيحا لان وجه قبحه هو كونه كذبا فصار اتفاق الكذب مع غيره من الافعال في النفع لا يمنع من اختلافهما في القبح لان ما اختلفا فيه غير ما اتفقا من اجله فان كان ما أورده النظام مانعا من القياس الشرعي فيجب أن يمنع من القياس العقلي أيضا على انه قد اعترف بورود النص باتفاق المختلفين واختلاف المتفقين ولم يلزمه أن يكون متناقضا فالأسوغ القياس واعتذر له بمثل (بما خ ل)
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125