في الاجماع واستدلوا أيضا بقوله تعالى فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول قالوا فأوجب علينا الرد إلى الكتاب والسنة عند التنازع فيجب إذا ارتفع التنازع الا يجب الرد ولا يسقط وجوب الرد اليهما الا لكونه حجة والكلام على هذه الآية من وجوه أحدها ان هذا خطاب لجماعة مواجهين بالخطاب وليس فيها لفظ يقتضى الاستغراق لجميع الأمة وإذا لم يكن فيها ذلك لم يكن لاحد أن يحملها على الاستغراق وليس لهم ان يقولوا نحملها على الجمع لفقد الدلالة على ان المراد بها الاستغراق وثانيها ان أكثر ما في الآية ان تفيد (ظ) انه عند وجود التنازع يجب الرد إلى الكتاب والسنة وليس فيها ذكر ما يرتفع التنازع فيه الا من حيث دليل الخطاب الذي أكثر من خالفنا مبطلة وفرق مبتدأ من فرق بين تعليق الحكم بالصفة وبينه إذا علق بشرط فاسد لما بيناه فيما تقدم من هذا الكتاب وثالثها ان ما يرتفع التنازع فيه لابد من أن يكون مردود إلى الكتاب والسنة لأنهم لا يجمعون الا عن دليل ولا يخلو ذلك الدليل من الكتاب والسنة فكأنهم في حال وجود التنازع يجب عليهم الرد وعند ارتفاعه يكون قد ردوا ولا فرق بين وجود التنازع وبين ارتفاعه ورابعها (ورابعها) ان المراد بالآية ان يجب الرد إلى الكتاب والسنة فيما طريقة العلم لأنه لو كان فيما طريقة العمل وكان المنازعون مجتهدين فيما تنازعوا فيه لم يجب عليهم الرد وانما يجب عليهم الرد على كل حال إذا كان ما اختلفوا فيه لا يسوغ الخلاف فيه وهذه جملة كافية في ابطال التعلق بهذه الآية واستدل بعضهم على صحة الاجماع بقوله وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون قالوا فأخبر الله تعالى ان فيمن خلق أمة تهدى بالحق وهذا يؤمننا من اجتماعهم على ضلال وكفر والكلام أيضا على هذه الآية من وجوه أحدها انه اخبر عمن خلق فيما مضى لان قوله خلقنا يفيد المضي في الأزمان فمن اين لهم ان هذا حكمهم في المستقبل من الزمان وليس لهم ان يقولوا ان قوله يهدون بالحق يفيد الاستقبال وذلك ان هذه اللفظة تصلح للحال والاستقبال وإذا أصلحت لذلك فلا يمتنع أن يكون أريد بها الحال فكأنه قال وممن خلقنا أمة هادية للحق عادلة به وثانيها ان قوله تعالى أمة يقع على الواحد وعلى الجماعة ويقع على جميع الأمة على وجه الاستغراق الا ترى ان الله تعالى وصف إبراهيم بأنه كان أمة وهو واحد وقال ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يريد به جماعة وإذا كان الامر على ذلك فمن اين للخصم ان المراد به جميع الأمة وثالثها انه لا يمتنع أن يكون أراد تعالى بقوله أمة النبي (ع) أو من يجرى قوله مجرى قول النبي في كونه حجة وموجبا للعلم فإذا احتمل ذلك (لم يكن خ ر) فمن اين للخصم الاحتجاج بالآية واستدلوا أيضا على صحة الاجماع بما روى عن النبي (ع) انه قال لا تجتمع أمتي على خطاء ويلفظ آخر لم يكن الله ليجمع أمتي على خطاء وبقوله كونوا مع الجماعة ويد الله على الجماعة وما أشبه ذلك من الالفاظ وهذه الاخبار لا يصح التعلق بها لأنها كلها لا يصح التعلق لأنها
(٧٤)