عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٦٣
وكل ذلك مفقود في شريعتنا لان الوحي قد ارتفع والرسالة قد انقطعت والتكليف باق إلى يوم القيمة والعمل بخبر الواحد غير صحيح على ما بيناه فيما مضى فلو لم يكن لها معصوم والتواتر يجوز أن يكون (يصير خ ر) آحادا كان ذلك يؤدى إلى ان الشرع غير محفوظ أصلا وذلك لا يجوز واستدل من خالفنا على صحة قوله بأشياء منها انه لو لم يكن متعبدا بشريعة من تقدم لم يكن يذكى قبل بعثته ولم يأكل اللحم المذكى ولا كان يحج ويعتمر ولا كان يركب البهايم ويحمل عليها لان جميع ذلك يحسن سمعا وفي علمنا بأنه كان يفعل ذلك دليل على صحة ما قلناه وهذا لا يلزمنا على ما قررنا من مذهبنا في هذا الباب لأنا قلنا انه قبل بعثته كان يوحى إليه بما يخصه فلأجل ذلك كان يفعل ما بفعله (يفعله) من الأشياء التي ذكروها ان صح منه فعلها واما من وافقنا في هذا المذهب وخالفنا في هذه الطريقة فإنه يقول ان تزكية البهايم وفعله الحج والعمرة لو ثبت لدل لكن ذلك لم يثبت وما روى من ذلك فإنما طريقة اخبار الآحاد لا يعول عليها في هذا الباب واما اكله اللحم المذكى فحسن في العقل وليس فيه دليل على ما قاله السائل لأنه بمنزلة اكل ساير المباحات ولم يثبت عنه (ع) انه كان يأمر بالتذكية ليأكل اللحم فيسوغ التعلق به واما ركوب البهيمة والحمل عليها فذلك بحسن عند كثير منهم لما لها في ذلك من المنافع التي يوصل إليها من العلف وغير ذلك و يخالف الذبح لان الذبح يقطعها عن المنافع وتعلقوا أيضا برجوعه (ع) إلى التورية في رجم اليهوديين وذلك لا يصح لان ذلك من اخبار الآحاد التي لا يعتمد في هذا الباب فلو كان كذلك لرجع إلى التورية في ساير الاحكام ولما كان ينتظر الوحي ما بيناه وفي تركه الرجوع إليها دليل على انه لم يرجع إليها في الرجم ان صح مما قالوه فسقط بذلك ما تعلقوا به وقد قيل في الجواب عن ذلك انه انما رجع إليهم لأنه كان قد اخبر ان في التورية رجم الزاني فأراد أن يحقق صدقه ليدلهم على نبوته بالرجوع إليهم ليعرف ثبوت الرجم من جهتهم قالوا ولو كان رجوعه إليهم لما قالوه لرجع في غيره أيضا ولوجب أن يتعرف هل الرجم في التورية على كل زان أو هو على محصن فقط ولوجب أن لا يقبل قول اليهود الذين رجع إليهم لان يقول مثلهم لا يقع العلم ولا هم على صفة تقبل قولهم في الديانات ولما مدحهم في ان ذلك في التورية لأنه قد ظهر تحريفهم لكثير منها فدل جميع ذلك على بطلان تعلقهم به وتعلقوا أيضا بقوله تعالى واتبع ملة إبراهيم حنيفا وبقوله فبهداهم اقتده وبقوله انا أنزلنا التورية فيها هدى ونور يحكم بها النبيون وهو (ع) من جملتهم وذلك يقتضى صحة ما قالوه قيل له اما الملة التي أمرنا باتباعها فهو دين إبراهيم لان الملة هي الدين لان المراد بذلك التوحيد والعدل بين ذلك قوله ومن يرغب عن ملة إبراهيم الا من سفه نفسه وقد علمنا ان الملة التي يستحق الراغب عنها هذا الوصف هي العقليات واما قوله فبهداهم اقتده فإنه أراد بذلك أدلتهم
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125