لان من حق الشاهد إذا اخبر عما يشهد به أن يكون خبره حقا وان لم يجرى مجرى الشهادة فلابد من أن يكون خبرهم (قولهم) صحيحا ولا يكون كذلك الا وهم حجة وليس بعض أقوالهم وافعالهم بذلك أولى من بعض وذلك انه لو سلم جميع ما ذكروه لم يلزم أن يكونوا حجة في جميع أقوالهم وافعالهم لان أكثر ما يدل عليه الآية فيهم أن يكونوا عدولا رشحوا للشهادة فالواجب أن ينفى عنهم ما جرح شهادتهم واثر في عدالتهم دون ما لم يكن بهذه المنزلة وإذا كانت الصغاير على مذهبهم غير مخرجة عن العدالة لم يجب بمقتضى الآية نفيها عنهم وبطل قوله انه ليس بعض أقوالهم وافعالهم بذلك أولى من بعض لأنا قد بينا الفرق بين بعض الافعال المسقطة للعدالة والافعال التي لا تسقطها ثم يقال لهم أليس لرسول صلى الله عليه وآله مع كونه شهيدا لا يمنع من وقوع الصغاير منه فهلا جاز ذلك في الأمة وليس لهم أن يقولوا ان حالهم مخالفة لحال الرسول لان ما نجوزه عليه من الصغاير ما يؤديه عن الله تعالى مما هو الحجة فيه من أن يكون متميزا فيصح كونه حجة وليس كذلك لو جوزنا على الأمة الخطاء في بعض ما تقوله و تفعله لان ذلك يوجب خروج كل ما يجمع عليه من أن يكون حجة لان الطريقة في الجمع واحدة فيسقط بما ذكرناه لأنه إذا كان تجويز الصغاير على الرسول لا يخرجه فيما يؤديه (مما) فيما يكون حجة ويتميز ذلك للمكلف فكذلك إذا كانت الآية انما يقتضى كون الأمة عدولا فيجب نفى ما اثر في عدالتهم والقطع على انتفاء الكبير من المعاصي عنهم وتجويز ما عدا هذا عليهم ولا تخرج هذا التجويز من أن يكونوا حجة فيما لو كان خطاء لكان كبيرا وقد يصح تمييز ذلك على وجه فان في المعاصي ما يقطع على كونها كباير ولو لم يكن إلى تمييزه سبيل لصح الكلام أيضا من حيث كان الواجب علينا اعتقاد نفى الكباير عنهم وتجويز الصغاير وان شهادتهم بها (بما ظ) لو لم يكن حقا لكانت الشهادة به كبيرة لا تقع منهم وان جاز وقوع ما لم يبلغ هذه المنزلة ويكون هذا الاعتقاد مما يجب علينا على سبيل الجملة وان تعذر علينا تفصيل افعالهم التي يكونون فيها حجة من خالفها لا سيما وشهادة ليست عندنا فيجب علينا تمييز خطأهم من صوابهم وانما هي عند الله تعالى إذا كانت عنده جاز أن يكون الواجب علينا هذا الاعتقاد الذي ذكرناه فان قيل ليس المراد بالآية الشهادة في الآخرة و انما هو القول بالحق والاخبار بالصدق كقوله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم وكل من قال حقا وهو شاذ به وليس هذا من باب الشهادة التي تؤدى أو يتحمل سبيل وان كانوا مع شهادتهم بالحق يشهدون في الآخرة بالاعمال العباد فيجب في كلما اجمعوا عليه قولا أن يكون حقا وفعلهم يقوم مقام قولهم فيجب أن يكون هذا حاله لأنهم إذا جمعوا على الشئ خلاف أظهره اظهار ما يعتقد انه حق حل محل الخير وهذا يوجب انه لا فرق بين الصغير والكبير في هذا الباب قيل له هذا غير مؤثر فيما قدحنا به في الاستدلال بالآية لان التعلق من الآية انما
(٧٢)