عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٧٢
لان من حق الشاهد إذا اخبر عما يشهد به أن يكون خبره حقا وان لم يجرى مجرى الشهادة فلابد من أن يكون خبرهم (قولهم) صحيحا ولا يكون كذلك الا وهم حجة وليس بعض أقوالهم وافعالهم بذلك أولى من بعض وذلك انه لو سلم جميع ما ذكروه لم يلزم أن يكونوا حجة في جميع أقوالهم وافعالهم لان أكثر ما يدل عليه الآية فيهم أن يكونوا عدولا رشحوا للشهادة فالواجب أن ينفى عنهم ما جرح شهادتهم واثر في عدالتهم دون ما لم يكن بهذه المنزلة وإذا كانت الصغاير على مذهبهم غير مخرجة عن العدالة لم يجب بمقتضى الآية نفيها عنهم وبطل قوله انه ليس بعض أقوالهم وافعالهم بذلك أولى من بعض لأنا قد بينا الفرق بين بعض الافعال المسقطة للعدالة والافعال التي لا تسقطها ثم يقال لهم أليس لرسول صلى الله عليه وآله مع كونه شهيدا لا يمنع من وقوع الصغاير منه فهلا جاز ذلك في الأمة وليس لهم أن يقولوا ان حالهم مخالفة لحال الرسول لان ما نجوزه عليه من الصغاير ما يؤديه عن الله تعالى مما هو الحجة فيه من أن يكون متميزا فيصح كونه حجة وليس كذلك لو جوزنا على الأمة الخطاء في بعض ما تقوله و تفعله لان ذلك يوجب خروج كل ما يجمع عليه من أن يكون حجة لان الطريقة في الجمع واحدة فيسقط بما ذكرناه لأنه إذا كان تجويز الصغاير على الرسول لا يخرجه فيما يؤديه (مما) فيما يكون حجة ويتميز ذلك للمكلف فكذلك إذا كانت الآية انما يقتضى كون الأمة عدولا فيجب نفى ما اثر في عدالتهم والقطع على انتفاء الكبير من المعاصي عنهم وتجويز ما عدا هذا عليهم ولا تخرج هذا التجويز من أن يكونوا حجة فيما لو كان خطاء لكان كبيرا وقد يصح تمييز ذلك على وجه فان في المعاصي ما يقطع على كونها كباير ولو لم يكن إلى تمييزه سبيل لصح الكلام أيضا من حيث كان الواجب علينا اعتقاد نفى الكباير عنهم وتجويز الصغاير وان شهادتهم بها (بما ظ) لو لم يكن حقا لكانت الشهادة به كبيرة لا تقع منهم وان جاز وقوع ما لم يبلغ هذه المنزلة ويكون هذا الاعتقاد مما يجب علينا على سبيل الجملة وان تعذر علينا تفصيل افعالهم التي يكونون فيها حجة من خالفها لا سيما وشهادة ليست عندنا فيجب علينا تمييز خطأهم من صوابهم وانما هي عند الله تعالى إذا كانت عنده جاز أن يكون الواجب علينا هذا الاعتقاد الذي ذكرناه فان قيل ليس المراد بالآية الشهادة في الآخرة و انما هو القول بالحق والاخبار بالصدق كقوله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم وكل من قال حقا وهو شاذ به وليس هذا من باب الشهادة التي تؤدى أو يتحمل سبيل وان كانوا مع شهادتهم بالحق يشهدون في الآخرة بالاعمال العباد فيجب في كلما اجمعوا عليه قولا أن يكون حقا وفعلهم يقوم مقام قولهم فيجب أن يكون هذا حاله لأنهم إذا جمعوا على الشئ خلاف أظهره اظهار ما يعتقد انه حق حل محل الخير وهذا يوجب انه لا فرق بين الصغير والكبير في هذا الباب قيل له هذا غير مؤثر فيما قدحنا به في الاستدلال بالآية لان التعلق من الآية انما
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125