على عموم الاعصار وجب حملها على أهل عصر واحد وهو حال زمن الصحابة به على ما ذهب إليه داود والا فما الفصل وسادسها ان قوله تعالى المؤمنين لا يخلو ان يريد به المصدقين بالرسول والمستحقين للثواب على الله تعالى فان كان الأول بطل لان الآية تقتضي التعظيم والمدح لمن تعلقت به من حيث وجب اتباعه ولا يجوز أن يتوجه إلى من لا يستحق التعظيم والمدح وفي الأمة من يقطع على كفره وانه لا يستحق شئ منها ولأنه كان يجب لو كان المراد بالمؤمنين المصدقين دون المستحقين للثواب أن يعتبر في الاجماع دخول كل مصدق فيه في شرق وغرب فهذا يعلم تعذره وعموم القول يقتضيه وليس مذهب الكثير المخالفين إليه وان أراد بالمؤمنين مستحقي للثواب والمدح والتعظيم فمن أين ثبوت مؤمنين بهذه الصفة في كل عصر يجب اتباعهم ويجب أيضا الا يثبت الاجماع الا بعد القطع على ان كل مستحق للثواب في بر وبحر وسهل وجبل قد دخل فيه لان عموم القول يقتضيه وهذا يؤدى إلى أن لا يثبت الاجماع ابدا وان حمل على بعض المؤمنين وعلى من عرفناه دون من لم نعرفه جاز حمله على طائفته من المؤمنين وهم أئمتنا عليهم السلام وسابعها انا لو تجاوزنا عن جميع ما ذكرناه لم يكن في الآية دلالة تتناول الخلاف في الحقيقة لأنه جائز ان يكون تعالى انما امر باتباع المؤمنين من حيث ثبت بالعقول ان في جملة المؤمنين في كل عصر اماما معصوما لا يجوز عليه الخطاء إذا جاز ما ذكرناه سقط غرضهم في الاستدلال على صحة الاجماع لأنهم انما اخذوا بذلك إلى أن يصح الاجماع وتنحفظ الشريعة به ويستغنى به عن الامام وإذا كان ما استدلوا به على صحة الاجماع يحتمل ما ذكرناه بطل التعلق به وثامنها ان الله تعالى توعد على مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين على وجه الجمع بينهما فمن اين انه لو انفرد اتباع غير سبيلهم عن المشاقة استحق به الوعيد وليس لهم ان يقولوا ان مشاقة الرسول مما كان بانفرادها يستحق بها الوعيد فكذلك اتباع غير سبيل المؤمنين ولو جاز أن لا يستحق عليه العقاب ويذكر مع مشاقة الرسول وتعلق الوعيد به لجاز أن يضاف إلى مشاقة الرسول شئ من المباحات مثل الاكل والشرب وغير ذلك وتعلق الوعيد به ولما لم يجز ذلك علم اتباع غير سبيلهم يجب أن يستحق الوعيد به على الانفراد وذلك انما لا نعلم بظاهر الآية ان مشاقة الرسول يستحق بها الوعيد إذا انفردت عن اتباع غير سبيل المؤمنين ولو خلينا وظاهر الآية لما علقنا الوعيد الا على من جميع بينها لكن علمنا بالدليل ان مشاقة الرسول بها على الانفراد الوعيد فلأجل ذلك قلنا به فاما ضم المباحات إلى مشاقة الرسول فإنما لم يجز لأنا قد علمنا ان حكم المباحات عند الانضمام حكمها عند الانفراد في أنه لا يستحق بها الوعيد وقد كان يجوز أن يستحق بها الوعيد إذا انضم
(٦٩)