وتوقيف أهل اللسان وكتاب الله تعالى يدل على معنى الكلالة لأنه تعالى قال يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة وما تولى الله تفسيره والفتوى به لم يدخله الرأي والذي هو الاجتهاد والقياس ويبين ذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وآله لعمر وقد كرر عليه السؤال عن الكلالة يكفيك اية الضيف وهذا يدل على ان الآية نفسها تفيد الحكم وكذلك ان تعلقوا بما روى عن ابن مسعود وانه سئل عن امرأة مات عنها زوجها ولم يسم لها صداقا ولم يدخل بها فردد السايل شهرا ثم قال أقول فيها برأيي فان كان حقا فمن الله وان كان خطاء فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريان عليها العدة ولها الميراث ولها مهر نسائها لا وكس (الوكس كالوعد النقصان والنقيص لازم ومتعد) ولا شطط (ق شطط في سلعته شططا محركا حاور العدو بجد - ق) فقال معقل بن بشار اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وآله قضى في بروع بنت واشق بما قضيت فسر عبد الله وذلك ان لقول عبد الله ظاهرا في كتاب الله يمكن أن يرجع إليه وهي عموم قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة اشهر وعشرا لان عموم الآية تقتضي العدة على كل زوجة توفى عنها زوجها ولم يخص بالجملة من لم يسم لها صداقا ويمكن أن يكون أوجب الميراث لكل زوجة بقوله تعالى ولهن الرجع مما تركتم ولم يخص من لم يطأها زوجها ولم يسم لها صداقا وأوجب المهر بقوله تعالى فانكحوهن باذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف وذلك موجب لمهر المثل لان المسمى لا يتجاوز ولا يعتبر فيه العرف وإذا كان لكل أفتى به وجه في الظاهر فما السبب في القطع على قوله بالقياس فان قيل لم رددهم شهرا ولم قال فان كان خطاء فمنى وكيف يكون الحكم المحرز من ظاهر الكتاب خطأ قلنا يجوز أن يكون توقفه وتردده للسائل لطلبه ما عساه يقتضى تخصيص الآيات التي ذكرناها والتماسا لما لعله أن يعثر عليه مما يجب له الترك الظاهر ويمكن أيضا انه لم يتعين عليه فرض الفتيا لوجود غيره من علماء الصحابة فاثر طلب السلامة بالاعراض من الجواب والفتيا ثم ألحوا عليه وسألوه أجاب فاما قوله ان كان خطاء فمنى فيمكن لما أن يكون لأنه جوز أن يكون هناك ما هو لوني من الظاهر من دليل يخص أو رواية تقتضيه من الرسول في مثل ما سئل منه يخالف قضيته أو غير ذلك مما يكون العدول إليه أولى على انهم يقولون كل مجتهد مصيب فلابد لهم من الرجوع إلى تجويزه على نفسه التقصير في طلب خبر لو استقصى الظفر به وما جرى مجرى ذلك ومتى تأملت جميع السائل التي حكى عنهم إضافة القول فيها إلى رأيهم وجرت لها مخرجا في الظواهر وطرقا تخالف القياس فاما قولهم ولو كان رجوعهم في ذلك إلى طرق العلم لما صح منهم الرجوع من رأى إلى اخر ولا التوقف فيه وتجويز كونه خطأ وصوابا فمن بعيد ما يقال وذلك ان الرجوع عن المذاهب وأدلتها لا يدل على القول (به خ ر) فيها بالقياس والظن لان ذلك قد يصح فيما طريقة العلم والأدلة الا ترى ان القائل بالخبر قد يعدل عنه إلى العدل وكذلك قد يعدل عن القطع على عقاب الفساق من أهل القبلة أو القول بالارجاء وسائر المسائل الأصول ذلك ممن فيها فليس
(١٠٤)