لابد له من أن يقيس ساير حوادث الفروع في جواز استعمال الاجتهاد فيها على القبلة وذلك منه قياس والكلام انما هو في اثبات القياس وهل وردت به العبادة أم لا فكيف يستسلف صحته ولمن ينفى القياس ان يقول ان الذي يجب أن أثبت الحكم في القبلة بالاجتهاد لورود النص واقف عند ذلك ولا أتجاوزه وهذا بمنزلة أن ترد العبادة بايجاب صلاة فيقيس قايس عليها وجوب أخرى فكما انه ممنوع من ذلك الا أن يتعبد بالقياس فكذلك من قاس على القبلة غيرها ممنوع من قياسه ولما يثبت ورود العبادة بالقياس على ان الحكم عند الغيبة ثابت بالنص في الجملة لان المكلف قد الزم أن يصلى إلى جهتها وإذا كان الحكم الشرعي ثابتا في الجملة ولم يكتف المكلف في اثبات (امكان خ ر) الفعل في الجملة وجب أن يجتهد ليمكنه الفعل الواجب عليه في الجملة فالاجتهاد منه ليس يتوصل به إلى اثبات الحكم الشرعي وانما يصل به إلى اثبات الحكم المجمل الذي ورد النص به وتفصيله وعروض ذلك ان يرد النص في الأرز ان فيه ضربا من ضروب الربا ويكون هناك طريق الاجتهاد في اثباته فيتوصل المكلف إلى تمييز ذلك الريا وتفصيله لأجل النص المجمل وهذا مما لم يثبت لهم على انه يقال للمتعلق بهذه الطريقة أليس انما اجتهدت عند الغيبة في القبلة لما ثبت بالنص حكم لا سبيل لك إلى معرفته الا بالاجتهاد فإذا اعترف بذلك قيل له فثبت في الفرع انه لابد فيه من حكم يمكن معرفته الا بالاجتهاد حتى يتساوى الأمران ولا سبيل لك إلى ذلك وقد علمت ان في نفاة القياس من يقول ان حكم الفرع معلوم عقلا وفيهم من يقول انه معلوم بالنصوص اما بظواهرها أو بادلتها وبعد فليس مثبت القياس بأن يتعلق بالقبلة في اثبات الحكم للفرع قياسا على الأصل بأولى من نافى القياس إذا تعلق بها في حمل الفرع على الأصل في انه لا يثبت له حكم الا بالنص ومتى قيل له فاجمع بين الامرين امتنع لتنافيهما ومتى قيل له الاثبات أرجح وادخل في الغاية قال هذا انما يصح فيما ثبت وصح لا فيما الكلام واقع فيه واستدلوا بما روى عنه (ع) من قوله للخثعمية أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضيه قال نعم قال فدين الله أحق وأولى أن يقضى وبقوله لعمر حين سئله عن القبلة للصايم أرأيت لو تمضمضت بماء أكنت شاربه وقوله في حديث أبي هريرة حين سئله السائل عن رجل ولد له غلام اسود فقال له ألك إبل قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال فيها أزرق قال نعم قال وانى ذلك قال لعل عرقا نزعه وغير ذلك من الأحاديث لم نذكرها لضعفها وبيان وهيهنا يقال لهم أول ما في هذا الاخبار انها اخبار آحاد لا توجب علما وما هذا حكمه لا يثبت به أصل معلوم عندهم مقطوع على صحته فلا يجوز اثباته بما يوجب غلبة الظن على ان تنبيهه (ع) على علة الحكم ليس بأكثر من أن ينص صريحا عليها ولو نص على العلة لم يجب القياس بهذا القدر دون أن يدل على العبارة به بغيره على انه (ع) بتنبيهه قد اغنى عن القياس فكيف يجعل ذلك دليلا على القياس و لأنه أيضا مع التنبيه على العلة قد أثبت الحكم في الفرع والأصل معا وما هذا حاله لا يدخل القياس فيه
(١١٢)