بخلاف قوله إلى غير ذلك مما يتأولون به الاخبار الواردة في هذا المعنى فكله عدول عن ظواهر الاخبار وحملها على ما لا تحتمله وذلك انما يسوغ انساع من ثبت لنا تصويب القوم بعضهم لبعض في مذاهبهم من وجه لا يحتمل التأويل فاما ولا شئ نذكر في ذلك الا وهو محتمل للتصويب وغيره على ما ذكرناه و سنذكره فلا وجه للالتفات إلى تأويلاتهم البعيدة فان قالوا نحن وان صوبنا المجتهدين فليس نمنع أن يكون في جملة المسائل ما الحق فيه في واحد فلا يسوغ في مثله الاجتهاد وأكثر ما يقتضيه الاخبار التي رويتموها أن يكون الاجتهاد غير سائغ في هذه المسائل بعينها وهذا لا يدل على ان سائر المسائل كذلك قلنا لا فرق بين هذه المسائل التي روينا فيها الاخبار وبين غيرها وليس لها صفة تباين بها ما عداها مسائل الاجتهاد الا ترى انه لا نص في شئ منها يقطع العذر كما ان ذلك ليس في غيرها من مسائل الاجتهاد وإذا لم يتميز من غيرها بصفة لم يسغ ما ادعيتموه واشترك الكل في جواز الاجتهاد فيه أو المنع منه واستدلوا أيضا بان قالوا ليس يخلوا أقوالهم في هذه المسائل التي أضافوها إلى آرائهم وأمثالها من أن يكونوا ذهبوا إليها من طرق الأدلة الموجبة للعلم أو من جهة الاجتهاد والقياس ولو كان الأول لوجب أن يكون الحق في واحد من الأقوال دون جميعها ولوجب أن يكون ما عدا المذهب الواحد الذي هو الحق منها باطلا خطأ ولو كان كذلك لوجب أن يقطعوا ولاية قائله ويبرؤا منه ويلعنوه ولا يعظموه الا ترى انهم في أمور كثيرة خرجوا إلى المقاتلة ورجعوا عن التعظيم والولاية لما لم يكن من باب الاجتهاد (يأت خ ر) فلو كان لكل واحدا لفعلوا في جميعه فعلا واحدا ولو كان الامر على خلاف قولنا لم يحسن ان يولى بعضهم بعضا مع علمه بخلافه عليه في مذهبه كما ولى أمير المؤمنين (ع) شريحا مع علمه بخلافه له في كثير من الاحكام وكما ولى أبو بكر زيدا وهو يخالفه في الجد فلولا اعتقاد المولى أن المولى محق وان الذي يذهب إليه وان كان مخالفا لمذهبه صواب لم يجز ذلك ولا جاز أيضا ان يسوغ له الفتيا ويحيل عليه بها وقد كانوا يفعلون ذلك وكذلك كان يجب أن ينقض بعضهم على بعض الاحكام التي يخالفه فيها لما تمكن من ذلك وان ينقض الواحد على نفسه ما حكم لهم (به خ ر) في حال ثم رجع إلى ما يخالفه في أخرى لان كثيرا منهم قد قضى بقضايا مختلفة ولم ينقض على نفسه ما تقدم فلولا ان الكل عندهم صوابا لم يسغ ذلك وأيضا فقد اختلفوا فيما لو كان خطأ لكان كبيرا نحو اختلافهم في الفروج والدماء والأموال وقضى بعضهم بإراقة الدم وإباحة المال والفرج فلو كان فهم من أخطأ لم يجر ان يكون خطاه الا كبيرا ويكون سبيله سبيل من ابتداء إراقة دم محرم بغير حق أو أخذ مالا عظيما بغير حق وأعطاه من لا يستحقه وفي ذلك تفسيقه ووجوب البراءة منه وفي علمنا بفقد كل ذلك دليل على انهم قالوا بالاجتهاد وان الجماعة مصيبون وهذه الطريقة هي عندهم في ان كل مجتهد مصيب في احكام الشريعة قيل لهم ما تنكرون أن يكون الخطأ الواقع ينقسم إلى ما يوجب البراءة وحمل السلاح واللعن وقطع الولاية
(١٠٦)