عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ١١٣
على انه (ع) اخبر ان الحج يجرى مجرى الدين في وجوب القضاء وكذلك ما نبه عليه في باب القبلة والمولود الأسود ولم يذكر لأي سبب جرى مجراه وما العلة فيه وهل ظاهر نص أوجب ذلك أو طريقه من القياس وإذا كان الامر متحملا لم يجز القطع على أحد الوجهين بغير دليل على ان اسم الدين يقع على الحج كوقوعه على المال وإذا كان كذلك دخل في قوله تعالى من بعد وصيته (وصية) يوصون بها أو دين وهذا القدر كاف من الكلام في هذه الاخبار وبطلان التعلق بها فان الاكثار في تأويلاتها لا فايدة فيه وقد أثبت في هذه المسألة أكثر ألفاظ المسألة التي ذكرها سيدنا المرتضى رحمه الله في ابطال القياس لأنها سديدة في هذا الباب وأضفت إلى ذلك مواضع لم يذكرها وحذفت أشياء يستغنى عن ايرادها وفي القدر الذي أوردناه كفاية وتنبيه على كل ما يتعلق به في هذا الباب الكلام في الاجتهاد اعلم ان كل امر لا يجوز تغيره عما هو عليه من وجوب إلى حظر أو من حسن إلى قبح فلا خلاف بين أهل العلم المحصلين ان الاجتهاد في ذلك لا يختلف وان الحق في واحد وان من خالفه ضال فاسق وربما كان كافرا وذلك نحو القول بأن العالم قديم أو محدث وإذا كان محدثا هل له صانع أم لا والكلام في صفات الصانع وتوحيده وعدله والكلام في النبوة والإمامة وغير ذلك وكذلك الامام في ان الظلم والعبث والكذب قبيح على كل حال وان شكر المنعم ورد الوديعة والانصاف حسن على كل حال وما يجرى مجرى ذلك وانما قالوا ذلك لان هذه الأشياء لا يصح تغيرها في نفسها ولا خروجها عن صفتها التي هي عليها الا ترى ان العالم إذا ثبت انه محدث فاعتقاد من اعتقد انه قديم لا يكون الا جهلا والجهل لا يكون الا قبيحا وكذلك إذا ثبت ان له صانعا فاعتقاد من اعتقد ان ليس له صانع لا يكون الا جهلا وكذلك القول في صفاته وتوحيده وعدله وكذلك إذا ثبت ان النبي صلى الله عليه وآله صادق فاعتقاد من اعتقد كذبه لا يكون الا جهلا وكذلك المسائل الباقية وحكى عن قوم شذاذ لا يعتد بأقوالهم انهم قالوا ان كل مجتهد فيها مصيب وقولهم باطل بما قلناه واما ما يصح تغييره في نفسه وخروجه من الحسن إلى القبح ومن الخطر إلى الإباحة فلا خلاف بين أهل العلم انه كان يجوز أن تختلف المصلحة في ذلك فما يكون حسنا من زيد يكون قبيحا من عمرو وما يقبح من زيد في حال بعينها يحسن منه في حالة أخرى ويختلف ذلك بحسب اختلاف أحوالهم وبحسب اجتهادهم وانما قالوا ذلك لان هذه الأشياء تابعة للمصالح والالطاف وما هذا حكمه فلا يمتنع ان يتغير الحال فيه ولهذه العلة جاز النسخ ونقل المكلفين عما كانوا عليه إلى خلافه بحسب ما تقتضيه مصالحهم الا أن مع تجويز ذلك في العقل هل ثبت ذلك في الشرع أم لا فقد اختلف العلماء في ذلك فذهب أكثر المتكلمين والفقهاء إلى ان كل مجتهد مصيب في اجتهاده وفي الحكم وهو مذهب أبي على (اي فيما عدا ما فيه ظاهر قران أو خبر متواتر كما سيصرح به بقوله واعلم الخ) وأبي هاشم وأبي الحسن و أكثر المتكلمين واليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه فيما حكاه أبو الحسن عنهم وقد حكى غيره من العلماء عن أبي حنيفة وذهب الأصم وبشر المريسي إلى ان الحق في واحد من ذلك وهو ما يقولون به وان ما عداه خطأ حتى قال الأصم ان حكم الحاكم ينقض به ويقولون ان المخطئ غير معذور في ذلك الا أن يكون خطاؤه صغيرا وان سبيل ذلك سبيل الخطاء في أصول الديانات وذهب أهل الظاهر فيما عدا القياس من الاستدلال وغيره إلى ان الحق من ذلك
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125