التنفل من رأى إلى اخر دلالة على ما ظنوه فاما التوقف فقد يجوز أن يكون طلبا للاستدلال والتأمل كما يتوقف الناظرون في كثير من المسائل الأصول يتوصل إليها بالأدلة المقتضية إلى العلم ويتثبتون تحرزا من الغلط واحتياطا في إصابة الحق فاما تجويز كونه خطأ وصوابا فالوجه فيه ما ذكرناه في خبر ابن مسعود وان ذلك يحسن (يجب خ ر) أن يقال بحيث يكون التجويز لورود ما هو أولى من الظاهر ثانيا لان الناظر ربما كان متهما نفسه بالتقصير ومجوزا أن يكون في المسألة مخصص أو معنى يقتضى العدول إليه ثم لم ينعم النظر في طلبه والفحص عنه فاما قولهم ولا ان يمسكوا عن تخطئة المخالف والنكير عليه ولان الأدلة لا تتناقض ولا يختلف فكيف يجوز أن يرجع كل واحد منهم في قوله إلى دليل فقد بينا انا لا نقول ان مع كل واحد دليلا على الحقيقة وانما قلنا يجوز أن يكون كل واحد تعلق بطريق من الظاهر وأدلة النصوص اعتقدها دليلا لا شبهة في ان الأدلة لا تتناقض الا أن ما يعتقد بالشبهة دليلا لا يجب ذلك فيه فاما الامساك عن النكير والتخطئة فلم يمسكوا عنها والعلم بان بعضهم خطأ بعضا يجرى مجرى العلم بأنهم اختلفوا فدافع أحد الامرين كدافع الاخر ويدل على ما ذكرناه ما روى عن أمير المؤمنين (ع) وقد استفتاه عمر في امرأة وجه إليها فألقت ما في بطنها وقد أفتاه كافة من حضره من الصحابة بأن لا شئ عليه فإنه مؤدب فقال (ع) ان كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأ وان كانوا قاربوك فقد غشوك وهذا تصريح بالتخطئة والخبر الذي رويناه متقدما عنه (ع) يشهد بذلك وهو قوله (ع) من أن يتفحم (يقتحم خ ر) جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه وروى عن ابن عباس انه قال من شاء باهلته ان الذي أحصى رمل عالج ما جعل للمال نصفين وثلثا وروى عنه انه قال من شاء باهلته ان الجد أب وقد رويت المباهلة عن ابن مسعود أيضا في قصة أخرى وروى عن ابن عباس الخبر الذي تقدم من قوله الا يتقى الله زيد بن ثابت وهذا أيضا تصريح (صرح خ ر) بالتخطئة وتخويف بالله تعالى في المقام على المذهب والخبر الذي رويناه أيضا عن عمر انه قال أجرأكم على الجد أجرأكم على النار واضح في هذا الباب وروى عن عايشة انها بعثت إلى زيد بن أرقم وقد اشترى ما باعه قبل أن يقبض الثمن انك ان لم تثبت فقد بطل جهادك مع النبي صلى الله عليه وآله وقيل لابن المسيب ان شريحا قضى في مكاتب عليه دين ان الدين والكتابة بالحصص فقال أخطأ شريح وفي هذا من الاخبار ما لا يحصى كثرة وفيما أوردناه كفاية لما أردناه فاما ما لا يزالون يستكرهونه ويتعسفونه من تأويل هذه الاخبار التي ذكرناها مثل قولهم في قصة المجهضة (بولدها خ ر) ولدها ان الخطأ والغش انما أراد به ترك ما هو الأولى في النصح وان ابن عباس دعا إلى المباهلة لأنه خطأ في اجتهاده فدعا من خطائه في ذلك لا في نفس المذهب إلى المباهلة وان ذكر جهنم والنار على سبيل التشدد والتحرز وان ذلك تخويف لمن اقدم عليه من غير فكر ولا تحفظ وفي حديث احباط الجهاد ان ذلك مشروط بأن يكون ذاكر للخبر المقتضى
(١٠٥)