خبرين فمتى قيل ان المراد ما تناوله أحدهما أدى ذلك إلى ابطال ما تناوله الخبر الاخر وذلك لا يصح فإذا ثبت ذلك صح ما قلناه في بناء العام على الخاص وفارق حاله حال الخبرين الذين يتناولان ما تناوله العام فان قيل هلا حملتم أحدهما على انه ناسخ للاخر وتكونون قد استعملتم الخبرين على وجه الحقيقة ويكون ذلك أولى من بناء العام على الخاص لان استعمال العام في الخاص يكون مجازا يقال انما يمكن حمل ذلك على النسخ إذا علمنا تاريخهما وان أحدهما متقدم والاخر متأخر فيحمل ذلك على النسخ فاما مع عدم التاريخ فلا يمكن حمل ذلك فيه ويدل على ذلك أيضا ان على مذهب الخصم لو ثبت بالقياس اخراج بعض ما يتناوله العام من عمومه وجب أن يخرج منه وخص به العموم فالخبر الخاص إذا أوجب اخراج بعض ما يتناوله العام بذلك أولى لان السنة أولى (أقوى خ ل) من القياس عنده ويدل على ذلك أيضا ان العام والخاص لو وردا معا لعلمنا ان المراد بالعام ما تناوله الخاص لان ذلك دليل التخصيص فإذا وردا مفترقين ولا دليل يدل على تقدم أحدهما وتأخر الاخر كانا في حكم ما وردا في وقت واحد ويجرى مجرى الغرقى في انه وان جاز تقدم أحدهم على الاخر فمتى عدم التاريخ في ذلك حكم بأنهم كانوا ماتوا في حالة واحدة على مذهب الخصم واستدل بعض من نص على ما اخترناه بان قال ما تناوله الخاص مقطوع به وما تناوله العام مشكوك فيه فلا ينبغي أن يزال اليقين بالشك وهذا انما يمكن أن يعتمده من قال ان العموم ليس له صيغة تفيد الاستغراق فاما على ما ثبت عليه من ان له صيغة تفيد ذلك فلا يمكن لان ما تناوله العام عندنا مقطوع مثل ما تناوله الخاص فلا فرق بينهما على حال وقد استدل بوجوه اخر تضعف وما ذكرناه أقول ما يستدل به فاما المخالف لذلك فإنما عول في ذلك على ان قال انما تضمنه العام في حكم ما تضمنه خبران أحدهما ما تضمنه (تضمن) الخاص والاخر تضمن غيره فكان ما تضمنه الخاص معارضا له وقد أوردنا في دليلنا ما هو جواب عنه فأغنى عن الإعادة وقد تعلق كل واحد منهما بوجود مواضع من العام والخاص بنى أحدهما على الاخر أو حكم فيهما بالتعارض لا يمكن أن يعول عليه لان لمن يخالفه أن يقول انما حكمت بذلك لدليل دل عليه لولا الدليل لما قلت به وينبغي أن يكون المعتمد
(١٥٥)