الا بين له الوجوب عما سئل عنه الا ترى ان المستفتى إذا استفتى عن شئ مست الحاجة إليه لم يسغ له الا يفتى فيه فالنبي صلى الله عليه وآله بذلك أولى وإذا لم يكن الوقت وقت الحاجة فلا يخلو السائل من ان يكون من أهل الاجتهاد أولا يكون كذلك فان كان ممن يمكنه الوصول إلى ذلك وقد تقدم منه صلى الله عليه وآله بيان ذلك جاز أن لا يجيب عنه ويحيله على ما تقدم من البيان ولذلك قال (ع) لعمر لما سئل عن الكلالة فقال تكفيك اية السيف وقال له أيضا وقد سئله عن القبلة فقال أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكان يضرك قال لا ففيم إذا فنبه على الجواب وان كان السائل عاميا يجوز أيضا أن يحيله على بيان ظاهر ويكون في حكمه المجيب وذلك في نحو قوله صلى الله عليه وآله توضأ كما امرك الله تعالى فاحاله على الآية والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه وجوه منها ما ذكره أبو عبد الله البصري وهو ان كلامه عليه السلام هو الدلالة على الحكم ويجب أن يعتبر صفته في الدلالة دون صفة غيره فإذا كان عاما دل على حسب دلالة العموم وكذلك ان كان خاصا كما انه يعتبر صفة في كونه امرا ونهيا وإباحة ومنها ان العموم لو انفرد عن السبب لوجب حمله على عمومه فكذلك إذا خرج عند السبب لان ذلك ممكن فيه لان السبب لم يؤثر فيه لأنه ليس ينافي السبب بيانه (ع) بحكم غيره كما لا ينافي بيانه لحكمه فيجب حمله على جميعه ومنها انه لو ابتدأ (ع) لكم النهى والسبب حاصل فخاطب بالقول ولما سئل عنه لوجب حمله عليه وكذلك إذا سئل عنه لان قصده (ع) في الحالين لم يختلف وان كان مبتديا للحكم في أحدهما ومجيبا للاخر وعلى ذلك حمل الفقهاء خطاب الله تعالى في اية اللعان وان خرجت على سب هلاك بن أمية العجلاني على كل رام زوجته وآية القذف وردت فيمن تكلم في عائشة وحملت على الجميع و كذلك اية الظهار وردت في مسلم بن صخر وحملت على كل مظاهر وهذا بين وانما حملناه على السبب إذا لم يفد بنفسه لان الظاهر أوجب ذلك فليس يجيب حمل ما استقل بنفسه من الجواب على ما لا يستقل بنفسه لمفارقته له في علته فاما تعلقهم بأنه لو لم يرد السبب لم يكن يتأخر الخطاب إلى وقت حدوثه فلما اخره إلى ذلك الوقت علم انه المراد فبعيد لأنه لا يمتنع أن يكون الصلاح في تأخره إلى ذلك الوقت ولا يمتنع ذلك من بيان حكم غير السبب معه ولو وجب حمل الكلام على عين السائل وعلى ذلك الوقت والمكان لهذه العلة وذلك ظاهر الفساد وقولهم
(١٤٦)