ما قدمناه من الأدلة وفيه كفاية ان شاء الله تعالى فاما العمومان إذا تعارضا فلا يخلو من ان يكون طريق اثباتهما العلم أو لا يكون كذلك فان كان طريق اثباتهما العلم يصح وقوعهما من حكيم على وجه ولا يصح على اخر فما يصح وقوعه منه بوجوه أحدها ان يقترن بهما التاريخ وان أحدهما متقدم والاخر متأخر فيحكم بان المتأخر ناسخ والمتقدم منسوخ والثاني أن يمكن الجميع بينهما على وجه من التأويل والثالث أن يكونا وردا مورد التخيير فهذه الوجوه التي يصح أن يقع العمومان المعلومان عليه من الحكيم فمتى خلا من ذلك بان تقدم التاريخ ولا يصح الجمع بينهما لتضادهما علم انه لم يرد التخيير فإنه لا يجوز وقوعهما من حكيم لأنه يؤدى إلى أن يدل الدليل على خلاف ما هو دليل عليه وذلك لا يجوز على حال فاما إذا عارض كل واحد من العمومين صاحبه من وجه ولا يعارضه من وجه نحو قوله تعالى أو ما ملكت ايمانكم وقوله وان تجمعوا بين الأختين لان أحدهما يقتضى تحليل الجمع بين الأختين المملوكتين والاخر يقتضى خطره ويصح أن يكون المراد باية الجمع ما عدا المماليك ويحتمل أن يراد باية المماليك ما عدا الأختين فقد استويا في التعارض وفي صحة الاستعمال على وجه واحد فما هذه حالة وجب الرجوع في العمل بأحدهما إلى دليل ولذلك روى عن أمير المؤمنين (ع) انه قال أحلتهما آية وحرمتهما أخرى وانا انهى عنهما نفسي وولدي فأخبر ان ظاهرهما يقتضى التعارض وانه عمل بأحدهما لعلمه بذلك وان العمل به هو الواجب وروى عن عثمان انه وقف في ذلك وقال أحلتهما آية وحرمتهما أخرى وحكى انه رجح تحريمها فاما إذا كان طريق اثباتهما الآحاد فإنه رجع في العمل إلى أحدهما بالترجيح وقد قدمنا ما يرجح به أحد الخبرين على الاخر بما يرجع إلى اسناده أو متنه فأغنى عن الإعادة مثل ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ونهى عن الصلاة في الأوقات المخصوصة وكذلك روى عنه صلى الله عليه وآله انه قال من بدل دينه فاقتلوه فكان ذلك عاما في النساء والرجال والصبيان ثم نهى عن قتل النساء والولدان والطريقة في الكلام على ذلك ما قدمناه من الوقف والرجوع في العمل بأحدهما إلى دليل ومن الناس من رجح العمل بأحد هذين الخبرين دون الاخر بأنه خرج على سبب فإذا عارضه الاخر وجب أن يقصر ذلك على
(١٥٦)