ترى فيها عوجا ولا أمتا " وقال تعالى " ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة " وبرزت الأرض التي عليها الجبال وهي لا تعد من هذه الأرض وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة ولم يهرق عليها دم.
هل أتاك حديث موسى (15) إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى (16) اذهب إلى فرعون إنه طغى (17) فقل هل لك إلى أن تزكى (18) وأهديك إلى ربك فتخشى (19) فأراه الآية الكبرى (20) فكذب وعصى (21) ثم أدبر يسعى (22) فحشر فنادى (23) فقال أنا ربكم الاعلى (24) فأخذه الله نكال الآخرة والأولى (25) إن في ذلك لعبرة لمن يخشى (26) يخبر تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه ابتعثه إلى فرعون وأيده الله بالمعجزات ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به ولهذا قال في آخر القصة " إن في ذلك لعبرة لمن يخشى " فقوله تعالى " هل أتاك حديث موسى " أي هل سمعت بخبره " إذ ناداه ربه " أي كلمه نداء " بالواد المقدس " أي المطهر " طوى " وهو اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه فقال له (اذهب إلى فرعون إنه طغى) أي تجرد وتمرد وعتى (فقل هل لك إلى أن تزكى) أي قل له هل لك أن تجيب إلى طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع " وأهديك إلى ربك " أي أدلك إلى عبادة ربك " فتخشى " أي فيصير قلبك خاضعا له مطيعا خاشعا بعدما كان قاسيا خبيثا بعيدا من الخير.
(فأراه الآية الكبرى) يعني فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلا واضحا على صدق ما جاءه به من عند الله (فكذب وعصى) أي فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة وحاصله أنه كفر قلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به لان المعرفة علم القلب والايمان عمله وهو الانقياد للحق والخضوع له. وقوله تعالى (ثم أدبر يسعى) أي في مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات (فحشر فنادى) أي في قومه (فقال أنا ربكم الاعلى) قال ابن عباس ومجاهد وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما علمت لكم من إله غيري بأربعين سنة قال الله تعالى (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) أي انتقم الله منه انتقاما جعله به عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين في الدنيا " ويوم القيامة بئس الرفد المرفود " كما قال تعالى " وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون " وهذا هو الصحيح في معنى الآية أن المراد بقوله " نكال الآخرة والأولى " أي الدنيا والآخرة وقيل المراد بذلك كلمتيه الأولى والثانية وقيل كفره وعصيانه والصحيح الذي لا شك فيه الأول. وقوله (إن في ذلك لعبرة لمن يخشى) أي لمن يتعظ وينزجر.
أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها (27) رفع سمكها فسواها (28) وأغطش ليلها وأخرج ضحاها (29) والأرض بعد ذلك دحاها (30) أخرج منها ماءها ومرعاها (31) والجبال أرساها (32) متاعا لكم ولأنعامكم (33) يقول تعالى محتجا على منكري البعث في إعادة الخلق بعد بدئه " أأنتم " أيها الناس " أشد خلقا أم السماء " يعني بل السماء أشد خلقا منكم كما قال تعالى " لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس " وقال تعالى " أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم " وقوله تعالى