افترض عليه. وحكاه البغوي عن الحسن البصري بنحو من هذا ولم أجد للمتقدمين فيه كلاما سوي هذا والذي يقع لي في معني ذلك والله أعلم أن المعنى " ثم إذا شاء أنشره " أي بعثه " كلا لم يقض ما أمره " أي لا يفعله الآن حتى تنقضي المدة ويفرغ القدر من بني آدم ممن كتب الله أن سيوجد منهم ويخرج إلى الدنيا وقد أمر به تعالى كونا وقدرا فإذا تناهى ذلك عند الله أنشر الله الخلائق وأعادهم كما بدأهم وقد روى ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: قال عزير عليه السلام قال الملك الذي جاءني فإن القبور هي بطن الأرض وإن الأرض هي أم الخلق فإذا خلق الله ما أراد أن يخلق وتمت هذه القبور التي مد الله لها انقطعت الدنيا ومات من عليها ولفظت الأرض ما في جوفها وأخرجت القبور ما فيها وهذا شبيه بما قلنا من معنى الآية والله سبحانه وتعالى أعلم. وقوله تعالى (فلينظر الانسان إلى طعامه) فيه امتنان وفيه استدلال بإحياء النبات من الأرض الهامدة على إحياء الأجسام بعدما كانت عظاما بالية وترابا متمزقا (أنا صببنا الماء صبا) أي أنزلناه من السماء على الأرض (ثم شققنا الأرض شقا) أي أسكناه فيها فيدخل في تخومها وتخلل في أجزاء الحب المودع فيها فنبت وارتفع وظهر على وجه الأرض (فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا) فالحب كل ما يذكر من الحبوب والعنب معروف والقضب هو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة ويقال لها ألقت أيضا قال ذلك ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي وقال الحسن البصري القضب العلف " وزيتونا " وهو معروف وهو أدم وعصيره أدم ويستصبح به ويدهن به " ونخلا " يؤكل بلحا بسرا ورطبا وتمرا ونيئا ومطبوخا ويعتصر منه رب وخل (وحدائق غلبا) أي بساتين قال الحسن وقتادة غلبا نخل غلاظ كرام وقال ابن عباس ومجاهد كل ما التف واجتمع وقال أيضا غلبا الشجر الذي يستظل به وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " وحدائق غلبا " أي طوال وقال عكرمة غلبا أي غلاظ الأوساط وفي رواية غلاظ الرقاب ألم تر إلى الرجل إذا كان غليظ الرقبة قيل والله إنه لأغلب؟ رواه ابن أبي حاتم وانشد ابن جرير للفرزدق عوى فأثأر أغلب ضيعميا * فويل ابن المراعة ما استثار وقوله تعالى (وفاكهة وأبا) أما الفاكهة فكل ما يتفكه به من الثمار قال ابن عباس الفاكهة كل ما أكل رطبا والأب ما أنبتت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس وفي رواية عنه هو الحشيش للبهائم وقال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك: الأب الكلأ وعن مجاهد والحسن وقتادة وابن زيد: الأب للبهائم كالفاكهة لبني آدم وعن عطاء كل شئ نبت على وجه الأرض فهو أب وقال الضحاك كل شئ أنبتته الأرض سوى الفاكهة فهو الأب.
وقال ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس: الأب نبت الأرض مما تأكله الدواب ولا تأكله الناس ورواه ابن جرير من ثلاث طرق عن ابن إدريس ثم قال حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس حدثنا عبد الملك عن سعيد بن جبير قال عد ابن عباس وقال: الأب ما أنبتت الأرض للانعام وهذا لفظ حديث أبي كريب وقال أبو السائب في حديثه ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس وتأكل الانعام وقال العوفي عن ابن عباس: الأب الكلأ والمرعى وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وابن زيد وغير واحد وقال أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا محمد بن زيد حدثنا العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن قوله تعالى " وفاكهة وأبا " فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم وهذا منقطع بين إبراهيم التيمي والصديق رضي الله عنه. فأما ما رواه ابن جرير حيث قال: حدثنا ابن بشار حدثنا ابن أبي عدي حدثنا حميد عن أنس قال: قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه " عبس وتولى " فلما أتى على هذه الآية " وفاكهة وأبا " قال قد عرفنا الفاكهة فما الأب؟ فقال لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف: فهو إسناد صحيح وقد رواه غير واحد عن أنس به وهذا محمول على أنه أراد أن يعرف شكله