كالسفير الذي يصلح بين القوم. وقوله تعالى (كرام بررة) أي خلقهم كريم حسن شريف وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة ومن ههنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السداد والرشاد. قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا هشام عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران " أخرجه الجماعة من طريق قتادة به.
قتل الانسان ما أكفره (17) من أي شئ خلقه (18) من نطفة خلقه فقدره (19) ثم السبيل يسره (20) ثم أماته فأقبره (21) ثم إذا شاء أنشره (22) كلا لما يقض ما أمره (23) فلينظر الانسان إلى طعامه (24) أنا صببنا الماء صبا (25) ثم شققنا الأرض شقا (26) فأنبتنا فيها حبا (27) وعنبا وقضبا (28) وزيتونا ونخلا (29) وحدائق غلبا (30) وفاكهة وأبا (31) متاعا لكم ولأنعامكم (32) يقول تعالى ذاما لمن أنكر البعث والنشور من بني آدم " قتل الانسان ما أكفره " قال الضحاك عن ابن عباس " قتل الانسان " لعن الانسان وكذا قال أبو مالك وهذا الجنس الانسان المكذب لكثرة تكذيبه بلا مستند بل بمجرد الاستبعاد وعدم العلم قال ابن جريج " ما أكفره " أي ما أشد كفره وقال ابن جرير ويحتمل أن يكون المراد أي شئ جعله كافرا أي ما حمله على التكذيب بالمعاد وقد حكاه البغوي عن مقاتل والكلبي وقال قتادة " ما أكفره " ما ألعنه ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشئ الحقير. وأنه قادر على إعادته كما بدأه فقال تعالى (من أي شئ خلقه من نطفة خلقه فقدره) أي قدر أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد (ثم السبيل يسره).
قال العوفي عن ابن عباس ثم يسر عليه خروجه من بطن أمه وكذا قال عكرمة والضحاك وأبو صالح وقتادة والسدي واختاره ابن جرير وقال مجاهد هذه كقوله تعالى " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " أي بيناه له وأوضحناه وسهلنا عليه عمله وكذا قال الحسن وابن زيد وهذا هو الأرجح والله أعلم وقوله تعالى (ثم أماته فأقبره) أي أنه بعد خلقه له أماته فأقبره أي جعله ذا قبر والعرب تقول قبرت الرجل إذا ولي ذلك منه وأقبره الله وعضبت قرن الثور وأعضبه الله وبترت ذنب البعير وأبتره الله وطردت عني فلانا وأطرده الله أي جعله طريدا قال الأعشى:
لو أسندت ميتا إلى صدرها * عاش ولم ينقل إلى قابر وقوله تعالى (ثم إذا شاء أنشره) أي بعثه يعد موته ويقال البعث والنشور " ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون " " وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ". وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أصبغ بن الفرج أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح أخبره عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يأكل التراب كل شئ من الانسان إلا عجب ذنبه " قيل وما هو يا رسول الله؟ قال " مثل حبة خردل منه تنشؤون " وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من رواية الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بدون هذه الزيادة ولفظه " كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب ". وقوله تعالى (كلا لما يقض ما أمره) قال ابن جرير يقول جل ثناؤه كلا ليس الامر بقول هذا الانسان الكافر من أنه قد أدى حق الله عليه في نفسه وماله " لما يقض ما أمره " يقول لم يؤد ما فرض عليه عز وجل من الفرائض لربه عز وجل. ثم روى هو وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله تعالى " كلا لم يقض ما أمره " قال لا يقضي أحدا أبدا كل ما