قال بعده " حدائق " والحدائق البساتين من النخيل وغيرها (وأعنابا وكواعب أترابا) أي وحورا كواعب، قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد " كواعب " أي نواهد يعنون أن ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عرب أتراب أي في سن واحد كما تقدم بيانه في سورة الواقعة قال ابن أبي حاتم حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الدستكي حدثني أبي عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبد الله بن تيم حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث عن أبي عبد الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي عن أبي أمامة أنه سمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن قمص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله وإن السحابة لتمر بهم فتناديهم يا أهل الجنة ماذا تريدون أن أمطركم؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب " وقوله تعالى (وكأسا دهاقا) قال ابن عباس مملوءة متتابعة وقال عكرمة صافية وقال مجاهد والحسن وقتادة وابن زيد " دهاقا " الملأى المترعة وقال مجاهد وسعيد بن جبير هي المتتابعة وقوله تعالى (لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا) كقوله " لا لغو فيها ولا تأثيم " أي ليس فيها كلام لاغ عار عن الفائدة ولا إثم كذب بل هي دار السلام وكل ما فيها سالم من النقص. وقوله (جزاءا من ربك عطاء حسابا) أي هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه بفضله ومنه وإحسانه ورحمته عطاء حسابا أي كافيا وافيا سالما كثيرا تقول العرب أعطاني فأحسبني أي كفاني ومنه حسبي الله أي الله كافي.
رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا (37) يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا (38) ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مأبا (39) إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (40) يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وأنه رب السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شئ وقوله تعالى " لا يملكون منه خطابا " أي لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه كقوله تعالى " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " وكقوله تعالى " يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه " وقوله تعالى " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون " اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا ما هو؟ على أقوال " أحدها " ما رواه العوفي عن ابن عباس أنهم أرواح بني آدم " الثاني " هم بنو آدم قاله الحسن وقتادة وقال قتادة هذا مما كان ابن عباس يكتمه " الثالث " أنهم خلق من خلق الله على صور بني آدم وليسوا ملائكة ولا بشر وهم يأكلون ويشربون قاله ابن عباس ومجاهد وأبو صالح والأعمش " الرابع " هو جبريل قاله الشعبي وسعيد بن جبير والضحاك ويستشهد لهذا القول بقوله عز وجل " نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين " وقال مقاتل بن حيان الروح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرب عز وجل وصاحب الوحي " الخامس " أنه القرآن قاله ابن زيد كقوله " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " الآية " والسادس " أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله " يوم يقوم الروح " قال هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقا وقال ابن جرير حدثني محمد بن خلف العسقلاني حدثنا رواد بن الجراح عن أبي حمزة عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود قال الروح في السماء الرابعة هو أعظم من السماوات ومن الجبال ومن الملائكة يسبح كل يوم اثنى عشر ألف تسبيحة يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكا من الملائكة يجئ يوم القيامة صفا وحده وهذا قول غريب جدا وقد قال الطبراني حدثنا محمد بن عبد الله بن عوس المصري حدثنا وهب الله بن روق بن هبيرة حدثنا بشر بن بكر حدثنا الأوزاعي حدثني عطاء عن عبد الله بن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن لله ملكا لو قيل له التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة لفعل تسبيحه سبحانك حيث كنت " وهذا