أن تستكثر من الخير قال تمنن في كلام العرب تضعف وقال ابن زيد: لا تمنن بالنبوة على الناس تستكثرهم بها تأخذ عليه عوضا من الدنيا فهذه أربعة أقوال والأظهر القول الأول والله أعلم. وقوله تعالى (ولربك فاصبر) أي اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عز وجل قاله مجاهد وقال إبراهيم النخعي اصبر عطيتك لله عز وجل. وقوله تعالى (فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير) قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وزيد بن أسلم والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابن زيد " الناقور " الصور قال مجاهد وهو كهيئة القرن. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أسباط بن محمد عن مطرف عن عطية العوفي عن ابن عباس " فإذا نقر في الناقور " فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ " فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا " وهكذا رواه الإمام أحمد عن أسباط به ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن ابن فضيل وأسباط كلاهما عن مطرف به ورواه من طريق أخرى عن العوفي عن ابن عباس به.
وقوله تعالى (فذلك يومئذ يوم عسير) أي شديد (على الكافرين غير يسير) أي غير سهل عليهم كما قال تعالى " يقول الكافرون هذا يوم عسر ". وقد روينا عن زرارة بن أوفى قاضي البصرة أنه صلى بهم الصبح فقرأ هذه السورة فلما وصل إلى قوله تعالى " فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير " شهق شهقة ثم خر ميتا رحمه الله تعالى.
ذرني ومن خلقت وحيدا (11) وجعلت له مالا ممدودا (12) وبنين شهودا (13) ومهدت له تمهيدا (14) ثم يطمع أن أزيد (15) كلا إنه كان لآياتنا عنيدا (16) سأرهقه صعودا (17) إنه فكر وقدر (18) فقتل كيف قدر (19) ثم قتل كيف قدر (20) ثم عبس وبسر (22) ثم أدبر واستكبر (23) فقال إن هذا إلا سحر يؤثر (24) إن هذا إلا قول البشر (25) سأصليه سقر (26) وما أدراك ما سقر (27) لا تبقى ولا تذر (28) لواحة للبشر (29) عليها تسعة عشر (30) يقول تعالى متوعدا لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا فكفر بأنعم الله وبدلها كفرا وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها وجعلها من قول البشر وقد عدد الله عليه نعمه حيث قال تعالى " ذرني ومن خلقت وحيدا " أي خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد ثم رزقه الله تعالى (مالا ممدودا) أي واسعا كثيرا قيل ألف دينار وقيل مائة ألف دينار وقيل أرضا يستغلها وقيل غير ذلك وجعل له (بنين شهودا) قال مجاهد لا يغيبون أي حضورا عنده لا يسافرون بالتجارات بل مواليهم وأجراؤهم يتولون ذلك عنهم وهم قعود عند أبيهم يتمتع بهم ويتملى بهم وكانوا فيما ذكره السدي وأبو مالك وعاصم بن عمر بن قتادة ثلاثة عشر وقال ابن عباس ومجاهد كانوا عشرة وهذا أبلغ في النعمة وهو إقامتهم عنده (ومهدت له تمهيدا) أي مكنته من صنوف المال والأثاث وغير ذلك (ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا) أي معاندا وهو الكفر على نعمه بعد العلم قال الله تعالى (سأرهقه صعودا) قال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويل واد في جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره والصعود جبل من نار يتصعد فيه الكافر سبعين خريفا ثم يهوي به كذلك فيه أبدا " وقد رواه الترمذي عن عبد بن حميد عن الحسن بن موسى الأشيب به ثم قال غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج كذا قال وقد رواه ابن جرير عن يونس عن عبد الله بن وهب عن