والثوري وغير واحد " وجحيما " وهي السعير المضطرمة (وطعاما ذا غصة) قال ابن عباس ينشب في الحلق فلا يدخل ولا يخرج (وعذابا أليما * يوم ترجف الأرض والجبال " أي تزلزل " وكانت الجبال كثيبا مهيلا " أي تصير ككثبان الرمل بعد ما كانت حجارة صماء ثم إنها تنسف نسفا فلا يبقى منها شئ إلا ذهب حتى تصير الأرض قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا أي واديا ولا أمتا أي رابية ومعناه لا شئ ينخفض ولا شئ يرتفع ثم قال تعالى مخاطبا لكفار قريش والمراد سائر الناس " إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم " أي بأعمالكم " كما أرسلنا إلى فرعون رسولا * فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ". قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والثوري " أخذا وبيلا " أي شديدا أي فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسول فيصيبكم ما أصاب فرعون حيث أخذه الله أخذ عزيز مقتدر كما قال تعالى " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " وأنتم أولى بالهلاك والدمار إن كذبتم رسولكم لان رسولكم أشرف وأعظم من موسى بن عمران ويروى عن ابن عباس ومجاهد وقوله تعالى (فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا) يحتمل أن يكون يوما معمولا لتتقون كما حكاه ابن جرير عن قراءة ابن مسعود فكيف تخافون أيها الناس يوما يجعل الولدان شيبا إن كفرتم بالله ولم تصدقوا به؟ ويحتمل أن يكون معمولا لكفرتم فعلى الأول كيف يحصل لكم أمان من يوم هذا الفزع العظيم إن كفرتم وعلى الثاني كيف يحصل لكم تقوى إن كفرتم يوم القيامة وجحدتموه وكلاهما معنى حسن ولكن الأول أولى والله أعلم. ومعنى قوله " يوما يجعل الولدان شيبا " أي من شدة أهواله وزلازله وبلابله وذلك حين يقول الله تعالى لآدم ابعث بعث النار فيقول من كم؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. قال الطبراني حدثنا يحيى بن أيوب العلاف حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ " يوما يجعل الولدان شيبا " قال " ذلك يوم القيامة وذلك يوم يقول الله لآدم قم فابعث من ذريتك بعثا إلى النار قال من كم يا رب؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون وينجو واحد " فاشتد ذلك على المسلمين وعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال حين أبصر ذلك في وجوههم " إن بني آدم كثير وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم وإنه لا يموت منهم رجل حتى ينتشر لصلبه ألف رجل ففيهم وفي أشباهم جنة لكم " هذا حديث غريب وقد تقدم في أول سورة الحج ذكر هذه الأحاديث. وقوله تعالى (السماء منفطر به) قال الحسن وقتادة أي بسببه من شدته وهوله ومنهم من يعيد الضمير على الله تعالى وروي عن ابن عباس ومجاهد وليس بقوي لأنه لم يجر له ذكر ههنا وقوله تعالى " كان وعده مفعولا " أي كان وعد هذا اليوم مفعولا أي واقعا لا محالة وكائنا لا محيد عنه.
إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا (19) * إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم (20) يقول تعالى " إن هذه " أي السورة " تذكرة " أي يتذكر بها أولوا الألباب ولهذا قال تعالى " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " أي ممن شاء الله تعالى هدايته كما قيده في السورة الأخرى " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان