تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٤٧٠
وثيابك فطهر والرجز فاهجر " ثم حمي الوحي وتتابع " أخرجاه من حديث الزهري به وقال الطبراني حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار حدثنا الحسن بن بشر البجلي حدثنا المعافى بن عمران عن إبراهيم بن يزيد سمعت ابن أبي مليكة يقول سمعت ابن عباس يقول إن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما فلما أكلوا منه قال ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم ساحر وقال بعضهم ليس بساحر وقال بعضهم كاهن وقال بعضهم ليس بكاهن وقال بعضهم شاعر وقال بعضهم ليس بشاعر وقال بعضهم بل سحر يؤثر فأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحزن وقنع رأسه وتدثر فأنزل الله تعالى " يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر ". وقوله تعالى (قم فأنذر) أي شمر عن ساق الغزم وأنذر الناس وبهذا حصل الارسال كما حصل بالأول النبوة (وربك فكبر) أي عظم وقوله تعالى (وثيابك فطهر) قال الأجلح الكندي عن عكرمة عن ابن عباس أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية " وثيابك فطهر " قال لا تلبسها على معصية ولا على غدرة ثم قال أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر * لبست ولا من غدرة أتقنع وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية " وثيابك فطهر " قال في كلام العرب نقي الثياب وفي رواية بهذا الاسناد فطهر من الذنوب وكذا قال إبراهيم الشعبي وعطاء وقال الثوري عن رجل عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية " وثيابك فطهر " قال من الاثم وكذا قال إبراهيم النخعي وقال مجاهد " وثيابك فطهر " قال نفسك ليس ثيابه وفي رواية عنه " وثيابك فطهر " أي عملك فأصلح وكذا قال أبو رزين وقال في رواية أخرى " وثيابك فطهر " أي لست بكاهن ولا ساحر فأعرض عما قالوا وقال قتادة " وثيابك فطهر " أي طهرها من المعاصي وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لدنس الثياب وإذا وفى وأصلح إنه لمطهر الثياب وقال عكرمة والضحاك لا تلبسها على معصية وقال الشاعر:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه * فكل رداء يرتديه جميل وقال العوفي عن ابن عباس " وثيابك فطهر " يعني لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب ويقال لا تلبس ثيابك على معصية وقال محمد بن سيرين " وثيابك فطهر " أي غسلها بالماء وقال ابن زيد كان المشركون لا يتطهرون فأمره الله أن يتطهر وأن يطهر ثيابه وهذا القول اختاره ابن جرير وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب فإن العرب تطلق الثياب عليه كما قال امرؤ القيس:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل * وإن كنت قد أزمعت هجري فأجملي وإن تك قد ساءتك مني خليقة * فسلي ثيابي من ثيابك تنسل وقال سعيد بن جبير " وثيابك فطهر " وقلبك ونيتك فطهر وقال محمد بن كعب القرظي والحسن البصري وخلقك فحسن وقوله تعالى (والرجز فاهجر) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس والرجز وهو الأصنام فاهجر وكذا قال مجاهد وعكرمة وقتادة والزهري وابن زيد إنها الأوثان وقال إبراهيم والضحاك " والرجز فاهجر " أي اترك المعصية وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشئ من ذلك كقوله تعالى " يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين " " وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ". وقوله تعالى (ولا تمنن تستكثر) قال ابن عباس لا تعط العطية تلتمس أكثر منها وكذا قال عكرمة ومجاهد وعطاء وطاوس وأبو الأحوص وإبراهيم النخعي والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم وروي عن ابن مسعود أنه قرأ " ولا تمنن أن تستكثر " وقال الحسن البصري لا تمنن بعملك على ربك تستكثره وكذا قال الربيع بن أنس واختاره ابن جرير وقال خصيف عن مجاهد في قوله تعالى " ولا تمنن تستكثر " قال لا تضعف
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615