" يا أيها المزمل " قاموا حولا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت " فاقرؤا ما تيسر منه " قال فاستراح الناس وكذا قال الحسن البصري والسدي. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام قال: فقلت يعني لعائشة أخبرينا عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ألست تقرأ " يا أيها المزمل " قلت بلى قالت فإنها كانت قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى انتفخت أقدامهم وحبس آخرها في السماء ستة عشر شهرا ثم نزل. وقال معمر عن قتادة " قم الليل إلا قليلا " قاموا حولا أو حولين حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم فأنزل الله تخفيفها بعد في آخر السورة وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا يعقوب القمي عن جعفر عن سعيد هو ابن جبير قال: لما أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم " يا أيها المزمل " قال مكث النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه فأنزل الله تعالى عليه بعد عشر سنين " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك - إلى قوله تعالى - وأقيموا الصلاة " فخفف الله تعالى عنهم بعد عشر سنين ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن عمرو بن رافع عن يعقوب القمي به وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى " قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا " فشق ذلك على المؤمنين ثم خفف الله تعالى عنهم ورحمهم فأنزل بعد هذا " علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله " إلى قوله تعالى " فاقرؤوا ما تيسر منه " فوسع الله تعالى وله الحمد ولم يضيق. وقوله تعالى (واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا) أي أكثر من ذكره وانقطع إليه وتفرغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك وما تحتاج إليه من أمور دنياك كما قال تعالى " فإذا فرغت فانصب " أي إذا فرغت من أشغالك فانصب في طاعته وعبادته لتكون فارغ البال قاله ابن زيد بمعناه أو قريب منه وقال ابن عباس ومجاهد وأبو صالح وعطية والضحاك والسدي " وتبتل إليه تبتيلا " أي أخلص له العبادة وقال الحسن اجتهد وأبتل إليه نفسك. وقال ابن جرير يقال للعابد متبتل ومنه الحديث المروي نهى عن التبتل يعني الانقطاع إلى العبادة وترك التزوج. وقوله تعالى (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا) أي هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب لا إله إلا هو وكما أفردته بالعبادة فأفرده بالتوكل فاتخذه وكيلا كما قال تعالى في الآية الأخرى " فاعبده وتوكل عليه " وكقوله " إياك نعبد وإياك نستعين " وآيات كثيرة في هذا المعنى فيها الامر بإفراد العبادة والطاعة لله وتخصيصه بالتوكل عليه.
واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا (10) وذرني والمكذبين أولى النعمة ومهلهم قليلا (11) إن لدينا أنكالا وجحيما (12) وطعاما ذا غصة وعذابا أليما (13) يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا (14) إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا (15) فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا (16) فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا (17) السماء منفطر به كان وعده مفعولا (18) يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله من كذبه من سفهاء قومه وأن يهجرهم هجرا جميلا وهو الذي لا عتاب معه ثم قال له متهددا لكفار قومه ومتوعدا وهو العظيم الذي لا يقوم لغضبه شئ " وذرني والمكذبين أولي النعمة " أي دعني والمكذبين المترفين أصحاب الأموال فإنهم على الطاعة أقدر من غيرهم وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم " ومهلهم قليلا " أي رويدا كما قال تعالى " نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ولهذا قال ههنا (إن لدينا أنكالا) وهي القيود قاله ابن عباس وعكرمة وطاوس ومحمد بن كعب وعبد الله بن بريدة وأبو عمران الجوني وأبو مجلز والضحاك وحماد بن أبي سلمان وقتادة وطعاما السدي وابن المبارك