تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٤٥٩
أول البعث من " كتاب السيرة " المطول والله أعلم ولله الحمد والمنة.
وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا (11) وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا (12) وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا (13) وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا (14) وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (15) وألوا استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (16) لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا (17) يقول تعالى مخبرا عن الجن أنهم قالوا مخبرين عن أنفسهم " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك " أي غير ذلك " كنا طرائق قددا " أي طرائق متعددة مختلفة وآراء متفرقة. قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد " كنا طرائق قددا " أي منا المؤمن ومنا الكافر وقال أحمد بن سليمان النجاد في أماليه حدثنا الحسن بن أسلم بن سهل بحشل حدثنا علي بن سليمان هو أبو الشعثاء الحضرمي شيخ مسلم حدثنا أبو معاوية قال سمعت الأعمش يقول تروح إلينا جني فقلت له ما أحب الطعام إليكم؟ فقال الأرز قال فأتيناهم به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحدا فقلت فيكم من هذه الأهواء التي فينا؟ قال نعم فقلت فما الرافضة فيكم؟ قال شرنا. عرضت هذا الاسناد على شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي فقال هذا إسناد صحيح إلى الأعمش. ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة العباس بن أحمد الدمشقي قال سمعت بعض الجن وأنا في منزل لي بالليل ينشد قلوب براها الحب حتى تعلقت * مذاهبها في كل غرب وشارق تهيم بحب الله والله ربها * معلقة بالله دون الخلائق.
وقوله تعالى (وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا) أي نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا وأنا لا نعجزه في الأرض ولو أمعنا في الهرب فإنه علينا قادر لا يعجزه أحد منا " وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به " يفتخرون بذلك وهو مفخر لهم وشرف رفيع وصفة حسنة وقولهم " فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا " قال ابن عباس وقتادة وغيرهما فلا يخاف أن ينقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيئاته كما قال تعالى " فلا يخاف ظلما ولا هضما " " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون " أي منا المسلم ومنا القاسط وهو الجائر عن الحق الناكب عنه بخلاف المقسط فإنه العادل " فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا " أي طلبوا لأنفسهم النجاة وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) أي وقود تسعر بهم.
وقوله تعالى (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا * لنفتنهم فيه) اختلف المفسرون في معنى هذا على قولين " أحدهما " وأن لو استقام القاسطون على طريقة الاسلام وعدلوا إليها واستمروا عليها " لأسقيناهم ماء غدقا " أي كثيرا والمراد بذلك سعة الرزق كقوله تعالى " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم " وكقوله تعالى " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " وعلى هذا يكون معنى قوله " لنفتنهم فيه " أي لنختبرهم كما قال مالك عن زيد بن أسلم لنفتنهم لنبتليهم من يستمر على الهداية ممن يرتد إلى الغواية " ذكر من قال بهذا القول " قال العوفي عن ابن عباس " وأن لو استقاموا على الطريقة " يعني بالاستقامة الطاعة وقال مجاهد " وأن لو استقاموا على الطريقة " قال الاسلام وكذا قال سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وعطاء والسدي ومحمد بن كعب القرظي وقال قتادة " وأن لو استقاموا على الطريقة " يقول لو آمنوا كلهم لاوسعنا عليهم من الدنيا وقال مجاهد " وأن لو استقاموا على
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615