أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له عوف بن مالك الأشجعي كان له ابن وأن المشركين أسروه فكان فيهم وكان أبوه يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشكو إليه مكان ابنه وحاله التي هو بها وحاجته فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره بالصبر ويقول له " إن الله سيجعل لك فرجا " فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا أن انفلت ابنه من أيدي العدو فمر بغنم من أغنام العدو فاستاقها فجاء بها إلى أبيه وجاء معه بغنم قد أصابه من المغنم فنزلت فيه هذه الآية " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " رواه ابن جرير وروى أيضا من طريق سالم بن أبي الجعد مرسلا نحوه وقال الإمام أحمد ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر " ورواه النسائي وابن ماجة من حديث سفيان وهو الثوري به. وقال محمد بن إسحاق جاء مالك الأشجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أسرا بني عوف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرسل إليه أن رسول الله يأمرك أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله " وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها وأقبل فإذا بسرح القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم فاتبع أولها آخرها فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب فقال أبوه عوف ورب الكعبة فقالت أمه وا سوأتاه وعوف كيف يقدم لما هو فيه من القد فاستبقا الباب والخادم فإذا عوف قد ملا الفناء إبلا فقص على أبيه أمره وأمر الإبل فقال أبوه قفا حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله عنها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعا بمالك " ونزل " ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب " رواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن أبي حاتم ثنا علي بن الحسين ثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان ثنا إبراهيم بن الأشعث ثنا الفضيل بن عياض عن هشام بن الحسن عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله " من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب ومن انقطع إلى الدنيا وكله إليها ". وقوله تعالى " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " قال الإمام أحمد حدثنا يونس ثنا ليث ثنا قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن عباس أنه حدثه أنه ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا غلام إني معلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشئ كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " وقد رواه الترمذي من حديث الليث بن سعد وابن لهيعة به وقال حسن صحيح وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من نزل به حاجة فأنزلها بالناس كان قمنا أن لا تسهل حاجته ومن أنزلها بالله تعالى أتاه الله برزق عاجل أو بموت آجل " ثم رواه عن عبد الرزاق عن سفيان عن بشير عن سيار أبي حمزة ثم قال وهو الصواب وسيار أبو الحكم لم يحدث عن طارق وقوله تعالى " إن الله بالغ أمره " أي منفذ قضاياه وأحكامه في خلقه بما يريده ويشاؤه " قد جعل الله لكل شئ قدرا " كقوله تعالى " وكل شئ عنده بمقدار ".
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا (4) ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا (5) يقول تعالى مبينا لعدة الآيسة وهى التي قد انقطع عنها المحيض لكبرها أنها ثلاثة أشهر عوضا عن الثلاثة قروء في حق من تحيض كما دلت على ذلك آية البقرة وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض أن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر ولهذا قال تعالى " واللائي لم يحضن " وقوله تعالى " إن ارتبتم " فيه قولان " أحدهما " وهو قول