عنده أجر عظيم " يقول تعالى إنما الأموال والأولاد فتنة أي اختبار وابتلاء من الله تعالى لخلقه ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وقوله تعالى " والله عنده " أي يوم القيامة " أجر عظيم " كما قال تعالى " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب " والتي بعدها وقال الإمام أحمد حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة سمعت أبا بريدة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال " صدق الله ورسوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ". ورواه أهل السنن من حديث حسين بن واقد به وقال الترمذي حسن غريب إنما نعرفه من حديثه وقال الإمام أحمد حدثنا شريح بن النعمان حدثنا هشيم أخبرنا مجالد عن الشعبي حدثنا الأشعث بن قيس قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة فقال لي " هل لك من ولد؟ " قلت غلام ولد لي في مخرجي إليك من ابنة حمد ولوددت أن بمكانه سبع القوم فقال " لا تقولن ذلك فإن فيهم قرة عين وأجرا إذا قبضوا " ثم قال " ولئن قلت ذاك إنهم لمجبنة محزنة " تفرد به أحمد وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمود بن بكر حدثنا أبي عن عيسى عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الولد ثمرة القلوب وإنهم مجبنة محزنة " ثم قال لا نعرفه إلا بهذا الاسناد وقال الطبراني حدثنا هاشم بن مرثد حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ليس عدوك الذي إن قتلته كان فوزا لك وإن قتلك دخلت الجنة ولكن الذي لعله عدو لك ولدك الذي خرج من صلبك ثم أعدى عدو لك مالك الذي ملكت يمينك ".
وقوله تعالى " فاتقوا الله ما استطعتم " أي جهدكم وطاقتكم كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ". وقد قال بعض المفسرين كما رواه مالك عن زيد بن أسلم إن هذه الآية ناسخة للتي في آل عمران وهي قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ". قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني ابن لهيعة حدثني عطاء هو ابن دينار عن سعيد بن جبير في قوله " اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " قال لما نزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأنزل الله تعالى هذه الآية تخفيفا على المسلمين " فاتقوا الله ما استطعتم " فنسخت الآية الأولى وروي عن أبي العالية وزيد بن أسلم وقتادة والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان نحو ذلك وقوله تعالى " واسمعوا وأطيعوا " أي كونوا منقادين لما يأمركم الله به ورسوله ولا تحيدوا عنه يمنة ولا يسرة ولا تقدموا بين يدي الله ورسوله ولا تتخلفوا عما به أمرتم. ولا تركبوا ما عنه زجرتم وقوله تعالى " وأنفقوا خيرا لأنفسكم " أي وابذلوا مما رزقكم الله على الأقارب والفقراء والمساكين وذوي الحاجات وأحسنوا إلى خلق الله كما أحسن الله إليكم يكن خيرا لكم في الدنيا والآخرة. وإن لا تفعلوا يكن شرا لكم في الدنيا والآخرة وقوله تعالى " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " تقدم تفسيره في سورة الحشر وذكر الأحاديث الواردة في معنى هذه الآية بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة وقوله تعالى " إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم " أي مهما أنفقتم من شئ فهو يخلفه ومهما تصدقتم من شئ فعليه جزاؤه ونزل ذلك منزلة القرض له كما ثبت في الصحيحين أن الله تعالى يقول: من يقرض غير ظلوم ولا عديم ولهذا قال تعالى يضاعفه لكم كما تقدم في سورة البقرة " فيضاعفه له أضعافا كثيرة " " ويغفر لكم " أي ويكفر عنكم السيئات ولهذا قال تعالى " والله شكور " أي يجزي على القليل بالكثير " حليم " أي يصفح ويغفر ويستر ويتجاوز عن الذنوب والزلات والخطايا والسيئات