زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير (7) فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير (8) يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (9) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير (10) يقول تعالى مخبرا عن الكفار والمشركين والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون " قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم " أي لتخبرن بجميع أعمالكم جليلها وحقيرها صغيرها وكبيرها " وذلك على الله يسير " أي بعثكم ومجازاتكم وهذه هي الآية الثالثة التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه عز وجل على وقوع المعاد ووجوده فالأولى في سورة يونس " ويستنبؤنك أحق هو قل إي وربي إنه الحق وما أنتم بمعجزين " والثانية في سورة سبأ " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم " الآية والثالثة هي هذه " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير ".
ثم قال تعالى " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " يعني القرآن " والله بما تعملون خبير " أي فلا تخفى عليه من أعمالكم خافية وقوله تعالى " يوم يجمعكم ليوم الجمع " وهو يوم القيامة سمي بذلك لأنه يجمع فيه الأولون والآخرون في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر كما قال تعالى " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " وقال تعالى " قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم " وقوله تعالى " ذلك يوم التغابن " قال ابن عباس هو اسم من أسماء يوم القيامة وذلك أن أهل الجنة يغبنون أهل النار وكذا قال قتادة ومجاهد وقال مقاتل بن حيان لا غبن أعظم من أن يدخل هؤلاء إلى الجنة ويذهب بأولئك إلى النار قلت وقد فسر ذلك بقوله تعالى " ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير " وقد تقدم تفسير مثل هذه غير مرة.
ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم (11) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين (12) الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون (13) يقول تعالى مخبرا بما أخبر به في سورة الحديد " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير " وهكذا قال ههنا " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله " قال ابن عباس بأمر الله يعني عن قدره ومشيئته " ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم " أي ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه وعوضه عما فاته من الدنيا هدى في قلبه ويقينا صادقا وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه أو خيرا منه قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " يعني يهد قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وقال الأعمش عن أبي ظبيان قال كنا عند علقمة فقرئ عنده هذه الآية " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " فسئل عن