بطريق الأولى والاخرى كما قال تعالى " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " وقال تعالى " أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " " أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وقال تعالى " أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى ".
أفرأيتم ما تحرثون (63) أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون (64) لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون (65) إنا لمغرمون (66) بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون (70) أفرأيتم النار التي تورون (71) أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون (72) نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين (73) فسبح باسم ربك العظيم (74) يقول تعالى " أفرأيتم ما تحرثون " وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها " أأنتم تزرعونه " أي تنبتونه في الأرض " أم نحن الزارعون " أي بل نحن الذي نقره قراره وننبته في الأرض. قال ابن جرير وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقولن زرعت ولكن قل حرثت " قال أبو هريرة ألم تسمع إلى قوله تعالى " أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون " ورواه البزار عن محمد بن عبد الرحيم عن مسلم الجرمي به. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عطاء عن أبي عبد الرحمن: لا تقولوا زرعنا ولكن قولوا حرثنا وروى عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ " أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون " وأمثالها يقول بل أنت يا رب. وقوله تعالى " لو نشاء لجعلناه حطاما " أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا وأبقيناه لكم رحمة بكم ولو نشاء لجعلناه حطاما أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده " فظلتم تفكهون " ثم فسر ذلك بقوله " إنا لمغرمون * بل نحن محرومون " أي لو جعلناه حطاما لظللتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم فتقولون تارة إنا لمغرمون أي لملقون وقال مجاهد وعكرمة إنا لموقع بنا وقال قتادة معذبون وتارة تقولون بل نحن محرومون وقال مجاهد أيضا إنا لمغرمون ملقون للشر أي بل نحن محارفون قاله قتادة أي لا يثبت لنا مال ولا ينتج لنا ربح وقال مجاهد بل نحن محرومون أي مجدودون يعني لاحظ لنا قال ابن عباس ومجاهد " فظلتم تفكهون " تعجبون وقال مجاهد أيضا فظلتم تفكهون تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم وهذا يرجع إلى الأول وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة فظلتم تفكهون تلاومون وقال الحسن وقتادة والسدي فظلتم تفكهون تندمون ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب قال الكسائي تفكه من الأضداد تقول العرب تفكهت بمعنى تنعمت وتفكهت بمعنى حزنت. ثم قال تعالى " أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن " يعنى السحاب قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد " أم نحن المنزلون " يقول بل نحن المنزلون " لو نشاء جعلناه أجاجا " أي زعاقا مرا لا يصلح لشرب ولا زرع " فلولا تشكرون " أي فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبا زلالا " لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون * ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة حدثنا فضيل بن مرزوق عن جابر عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا