تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٣١٧
بطريق الأولى والاخرى كما قال تعالى " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " وقال تعالى " أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " " أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وقال تعالى " أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى ".
أفرأيتم ما تحرثون (63) أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون (64) لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون (65) إنا لمغرمون (66) بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون (70) أفرأيتم النار التي تورون (71) أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون (72) نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين (73) فسبح باسم ربك العظيم (74) يقول تعالى " أفرأيتم ما تحرثون " وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها " أأنتم تزرعونه " أي تنبتونه في الأرض " أم نحن الزارعون " أي بل نحن الذي نقره قراره وننبته في الأرض. قال ابن جرير وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقولن زرعت ولكن قل حرثت " قال أبو هريرة ألم تسمع إلى قوله تعالى " أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون " ورواه البزار عن محمد بن عبد الرحيم عن مسلم الجرمي به. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عطاء عن أبي عبد الرحمن: لا تقولوا زرعنا ولكن قولوا حرثنا وروى عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ " أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون " وأمثالها يقول بل أنت يا رب. وقوله تعالى " لو نشاء لجعلناه حطاما " أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا وأبقيناه لكم رحمة بكم ولو نشاء لجعلناه حطاما أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده " فظلتم تفكهون " ثم فسر ذلك بقوله " إنا لمغرمون * بل نحن محرومون " أي لو جعلناه حطاما لظللتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم فتقولون تارة إنا لمغرمون أي لملقون وقال مجاهد وعكرمة إنا لموقع بنا وقال قتادة معذبون وتارة تقولون بل نحن محرومون وقال مجاهد أيضا إنا لمغرمون ملقون للشر أي بل نحن محارفون قاله قتادة أي لا يثبت لنا مال ولا ينتج لنا ربح وقال مجاهد بل نحن محرومون أي مجدودون يعني لاحظ لنا قال ابن عباس ومجاهد " فظلتم تفكهون " تعجبون وقال مجاهد أيضا فظلتم تفكهون تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم وهذا يرجع إلى الأول وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة فظلتم تفكهون تلاومون وقال الحسن وقتادة والسدي فظلتم تفكهون تندمون ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب قال الكسائي تفكه من الأضداد تقول العرب تفكهت بمعنى تنعمت وتفكهت بمعنى حزنت. ثم قال تعالى " أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن " يعنى السحاب قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد " أم نحن المنزلون " يقول بل نحن المنزلون " لو نشاء جعلناه أجاجا " أي زعاقا مرا لا يصلح لشرب ولا زرع " فلولا تشكرون " أي فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبا زلالا " لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون * ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة حدثنا فضيل بن مرزوق عن جابر عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615