الصراري حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك الأودي حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما مطر قوم من ليلة إلا أصبح قوم بها كافرين - ثم قال - " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " يقول قائل مطرنا بنجم كذا وكذا ". وفي حديث عن أبي سعيد مرفوعا " لو قحط الناس سبع سنين ثم مطروا لقالوا مطرنا بنوء المجدع " وقال مجاهد " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " قال قولهم في الأنواء مطرنا بنوء كذا وبنوء كذا يقول قولوا هو من عند الله وهو رزقه وهكذا قال الضحاك وغير واحد وقال قتادة أما الحسن فكان يقول بئس ما أخذ قوم وأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب فمعنى قول الحسن هذا وتجعلون حظكم من كتاب الله أنكم تكذبون به ولهذا قال قبله " أفبهذا الحديث أنتم مدهنون * وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ".
فلولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذ تنظرون (84) ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون (85) فلولا إن كنتم غير مدينين (86) ترجعونها إن كنتم صادقين (87) يقول تعالى " فلولا إذا بلغت " أي الروح " الحلقوم " أي الحلق وذلك حين الاحتضار كما قال تعالى " كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق ". ولهذا قال ههنا " وأنتم حينئذ تنظرون " أي إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت " ونحن أقرب إليه منكم " أي بملائكتنا " ولكن لا تبصرون " أي ولكن لا ترونهم كما قال تعالى في الآية الأخرى " وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون * ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين " وقوله تعالى " فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها " معناه فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول ومقرها من الجسد إن كنتم غير مدينين قال ابن عباس يعني محاسبين وروى عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والسدي وأبي حزرة مثله.
وقال سعيد بن جبير والحسن البصري " فلولا إن كنتم غير مدينين " غير مصدقين أنكم تدانون وتبعثون وتجزون فردوا هذه النفس وعن مجاهد " غير مدينين " غير موقنين وقال ميمون بن مهران غير معذبين مقهورين.
فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنت نعيم (89) وأما إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلام لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم (94) إن هذا لهو حق اليقين (95) فسبح باسم ربك العظيم (96) هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم إما أن يكون من المقربين أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين وإما أن يكون من المكذبين بالحق الضالين عن الهدى الجاهلين بأمر الله ولهذا قال تعالى " فأما إن كان " أي المحتضر " من المقربين " وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات (فروح وريحان وجنة نعيم) أي فلهم روح وريحان وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء أن ملائكة الرحمة تقول " أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " فروح " يقول راحة وريحان يقول