تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٣١٩
لا يمسه إلا المطهرون (79) تنزيل من رب العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82) قال جويبر عن الضحاك إن الله تعالى لا يقسم بشئ من خلقه ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه وهذا القول ضعيف والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه وهو دليل على عظمته ثم قال بعض المفسرين لا ههنا زائدة وتقديره أقسم بمواقع النجوم رواه ابن جرير عن سعيد بن جبير ويكون جوابه " إنه لقرآن كريم " وقال آخرون ليست لا زائدة لا معنى لها بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسما به على منفي كقول عائشة رضي الله عنها: لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط وهكذا ههنا تقدير الكلام لا أقسم بمواقع النجوم ليس الامر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة بل هو قرآن كريم. وقال ابن جرير وقال بعض أهل العربية معنى قوله " فلا أقسم " فليس الامر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد ذلك فقيل أقسم واختلفوا في معنى قوله " بمواقع النجوم " فقال حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يعني نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا ثم نزل مفرقا في السنين بعد ثم قرأ ابن عباس هذه الآية وقال الضحاك عن ابن عباس نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة فهو قوله " فلا أقسم بمواقع النجوم " نجوم القرآن وكذا قال عكرمة ومجاهد والسدي وأبو حزرة وقال مجاهد أيضا مواقع النجوم في السماء ويقال مطالعها ومشارقها. وكذا قال الحسن وقتادة وهو اختيار ابن جرير وعن قتادة مواقعها منازلها وعن الحسن أيضا أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة وقال الضحاك " فلا أقسم بمواقع النجوم " يعني بذلك الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا أمطروا قالوا مطرنا بنوء كذا وكذا. وقوله " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به عليه " إنه لقرآن كريم " أي إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم " في كتاب مكنون " أي معظم في كتاب معظم محفوظ موقر. وقال ابن جرير حدثني موسى بن إسماعيل أخبرنا شريك عن حكيم هو ابن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " لا يمسه إلا المطهرون " قال الكتاب الذي في السماء وقال العوفي عن ابن عباس " لا يمسه إلا المطهرون " يعني الملائكة وكذا قال أنس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو الشعثاء جابر بن زيد وأبو نهيك والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم.
وقال ابن جرير حدثنا ابن عبد الاعلى حدثنا ابن ثور حدثنا معمر عن قتادة " لا يمسه إلا المطهرون " قال لا يمسه عند الله إلا المطهرون فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس والمنافق الرجس قال وهي في قراءة ابن مسعود ما يمسه إلا المطهرون وقال أبو العالية " لا يمسه إلا المطهرون " ليس أنتم أنتم أصحاب الذنوب وقال ابن زيد زعمت كفار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين فأخبر الله تعالى أنه " لا يمسه إلا المطهرون " كما قال تعالى " وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون " وهذا القول قول جيد وهو لا يخرج عن الأقوال التي قبله. وقال الفراء لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به. وقال آخرون " لا يمسه إلا المطهرون " أي من الجنابة والحدث قالوا ولفظ الآية خبر ومعناها الطلب قالوا والمراد بالقرآن ههنا المصحف كما روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو. واحتجوا في ذلك بما رواه الامام مالك في موطئه عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم " أن لا يمس القرآن إلا طاهر " وروى أبو داود في المراسيل من حديث الزهري
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615