تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٣١٨
شرب الماء قال " الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا " ثم قال " أفرأيتم النار التي تورون " أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها " أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون " أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها وللعرب شجرتان " إحداهما " المرخ " والاخرى " العفار إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار. وقوله تعالى " نحن جعلناها تذكرة " قال مجاهد وقتادة أي تذكر النار الكبرى قال قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يا قوم ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزأ من نار جهنم " قالوا يا رسول الله إن كانت لكافية؟ قال " إنها قد ضربت بالبحر ضربتين أو مرتين حتى يستنفع بها بنو آدم ويدنوا منها " وهذا الذي أرسله قتادة قد رواه الإمام أحمد في مسنده فقال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم وضربت بالبحر مرتين ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لاحد " وقال الامام مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " فقالوا يا رسول الله إن كانت لكافية فقال " إنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا " رواه البخاري من حديث مالك ومسلم من حديث أبي الزناد ورواه مسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به وفي لفظ " والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها " وقد قال أبو القاسم الطبراني حدثنا أحمد بن عمرو الخلال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا معن بن عيسى القزاز عن مالك عن عمه أبي سهل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم؟ لهي أشد سوادا من ناركم هذه بسبعين ضعفا " قال الضياء المقدسي وقد رواه أبو مصعب عن مالك ولم يرفعه وهو عندي على شرط الصحيح وقوله تعالى " ومتاعا للمقوين " قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والنضر بن عربي يعني بالمقوين المسافرين واختاره ابن جرير وقال ومنه قولهم أقوت الدار إذا رحل أهلها وقال غيره القي والقواء القفر الخالي البعيد من العمران وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم المقوي ههنا الجائع وقال ليث ابن أبي سليم عن مجاهد ومتاعا للمقوين للحاضر والمسافر لكل طعام لا يصلحه إلا النار وكذا روى سفيان عن جابر الجعفي عن مجاهد وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله للمقوين يعني المستمتعين من الناس أجمعين وكذا ذكر عن عكرمة وهذا التفسير أعم من غيره فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الجميع محتاجون إليها للطبخ والاصطلاء والإضاءة وغير ذلك من المنافع ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الاحجار وخالص الحديد بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى وأوقد ناره فأطبخ بها واصطلى بها واشتوى واستأنس بها وانتفع بها سائر الانتفاعات فلهذا أفرد المسافرون وإن كان ذلك عاما في حق الناس كلهم وقد يستدل له بما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعي الشامي عن رجل من المهاجرين من قرن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المسلمون شركاء في ثلاثة النار والكلا والماء " وروى ابن ماجة بإسناد جيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث لا يمنعن الماء والكلا والنار " وله من حديث ابن عباس مرفوعا مثل هذا وزيادة وثمنه ولكن في إسناده عبد الله بن خراش بن حوشب وهو ضعيف والله أعلم وقوله تعالى " فسبح باسم ربك العظيم " أي الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة الماء الزلال العذب البارد ولو شاء لجعله ملحا أجاجا كالبحار المغرقة وخلق النار المحرقة وجعل ذلك مصلحة للعباد وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم وزجرا لهم في المعاد.
* فلا أقسم بمواقع النجوم (75) وإنه لقسم لو تعلمون عظيم (76) إنه لقرآن كريم (77) في كتاب مكنون (78)
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615