الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء " ورواه الترمذي من حديث عمرو بن الحارث به. وقوله تعالى " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان " قد تقدم مثله سواء إلا أنه زاد في وصف الأوائل بقوله (كأنهن الياقوت والمرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان). وقوله تعالى " متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الرفرف المحابس.
وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم هي المحابس وقال العلاء بن زيد الرفرف على السرير كهيئة المحابس المتدلي وقال عاصم الجحدري " متكئين على رفرف خضر " يعني الوسائد وهو قول الحسن البصري في رواية عنه وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في قوله تعالى " متكئين على رفرف خضر " قال الرفرف رياض الجنة وقوله تعالى " وعبقري حسان " قال ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي: العبقري الزرابي: وقال سعيد بن جبير هي عتاق الزرابي يعني جيادها وقال مجاهد العبقري الديباج وسئل الحسن البصري عن قوله تعالى " وعبقري حسان " فقال هي بسط أهل الجنة لا أبا لكم فاطلبوها وعن الحسن رواية أنها المرافق وقال زيد بن أسلم العبقري أحمر وأصفر وأخضر وسئل العلاء بن زيد عن العبقري فقال البسط أسفل من ذلك. وقال أبو حرزة يعقوب بن مجاهد: العبقري من ثياب أهل الجنة لا يعرفه أحد وقال أبو العالية العبقري الطنافس المحملة إلى الرقة ما هي وقال القيسي كل ثوب موشى عند العرب عبقري وقال أبو عبيدة هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي وقال الخليل بن أحمد كل شئ نفيس من الرجال وغير ذلك يسمى عند العرب عبقريا ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر " فلم أر عبقريا يفري فريه " وعلى كل تقدير فصفة مرافق أهل الجنتين الأولتين أرفع وأعلى من هذه الصفة فإنه قد قال هناك " متكئين على فرش بطائنها من إستبرق " فنعت بطائن فرشهم وسكت عن ظهائرها اكتفاء بما مدح به البطائن بطريق الأولى والأحرى وتمام الخاتمة أنه قال بعد الصفات المتقدمة " هل جزاء الاحسان إلا الاحسان " فوصف أهلها بالاحسان وهو أعلى المراتب والنهايات كما في حديث جبريل لما سأل عن الاسلام ثم الايمان ثم الاحسان فهذه وجوه عديدة في تفضيل الجنتين الأوليين على هاتين الأخيرتين ونسأل الله الكريم الوهاب أن يجعلنا من أهل الأوليين. ثم قال " تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام " أي هو أهل أن يجل فلا يعصى وأن يكرم فيعبد ويشكر فلا يكفر وأن يذكر فلا ينسى وقال ابن عباس " ذي الجلال والاكرام " ذي العظمة والكبرياء وقال الإمام أحمد حدثنا موسى بن داود حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عمير بن هانئ عن أبي العذراء عن أبي الدرداء قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجلوا الله يغفر لكم " وفي الحديث الآخر " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وذي السلطان وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه " وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا أبو يوسف الحربي حدثنا مؤمل بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا حميد الطويل عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألظوا بياذا الجلال والاكرام " وكذا رواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به ثم قال غلط المؤمل فيه وهو غريب وليس بمحفوظ وإنما يروى هذا عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال الإمام أحمد حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن حسان المقدسي عن ربيعة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ألظوا بذي الجلال والاكرام " ورواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك به وقال الجوهري ألظ فلان بفلان إذا لزمه وقول ابن مسعود ألظوا بياذا الجلال والاكرام أي الزموا يقال الالظاظ هو الالحاح " قلت " وكلاهما قريب من الآخر والله أعلم وهو المداومة واللزوم والالحاح وفي صحيح مسلم والسنن الأربعة من حديث عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد يعني بعد الصلاة إلا بقدر ما يقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والاكرام ". آخر تفسير سورة الرحمن والله الحمد والمنه.