الجماعة إلا أبا داود من حديث عبد العزيز به. وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال حماد ولا أعلمه إلا قد رفعه في قوله تعالى " ولمن خاف مقام ربه جنتان " وفي قوله " ومن دونهما جنتان " " جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من ورق لأصحاب اليمين " وقال ابن جرير حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المقري حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر عن محمد بن حرملة عن عطاء بن يسار أخبرني أبو الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوما هذه الآية " " ولمن خاف مقام ربه جنتان " " فقلت وإن زنى وإن سرق؟ فقال " " ولمن خاف مقام ربه جنتان " " فقلت وإن زنى وإن سرق؟ فقال " " ولمن خاف مقام ربه جنتان " " فقلت وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال " وإن رغم أنف أبي الدرداء " ورواه النسائي من حديث محمد بن أبي حرملة به ورواه النسائي أيضا عن مؤمل بن هشام عن إسماعيل عن الجريري عن موسى عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبي الدرداء به وقد روي موقوفا على أبي الدرداء وروي عنه أنه قال: إن من خاف مقام ربه ولم يزن ولم يسرق. وهذه الآية عامة في الإنس والجن فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا ولهذا امتن الله تعالى على الثقلين بهذا الجزاء فقال " ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان " ثم نعت هاتين الجنتين فقال " ذواتا أفنان " أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجه فائقة " فبأي آلاء ربكما تكذبان " هكذا قال عطاء الخراساني وجماعة أن الأفنان أغصان الشجر يمس بعضها بعضا وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عمرو بن علي حدثنا مسلم بن قتيبة حدثنا عبد الله بن النعمان سمعت عكرمة يقول (ذواتا أفنان) يقول ظل الأغصان عل الحيطان ألم تسمع قول الشاعر ما هاج شوقك من هديل حمامة * تدعو على فنن الغصون حماما تدعو أبا فرخين صادف طاويا * ذا مخلبين من الصقور قطاما وحكى البغوي عن مجاهد وعكرمة والضحاك والكلبي أنه الغصن المستقيم وحدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عبد السلام ابن حرب حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ذواتا أفنان ذواتا ألوان قال وروي عن سعيد بن جبير والحسن والسدي وخصيف والنضر بن عربي وابن سنان مثل ذلك ومعنى هذا القول أن فيهما فنونا من الملاذ واختاره ابن جرير وقال عطاء كل غصن يجمع فنونا من الفاكهة وقال الربيع بن أنس " ذواتا أفنان " واسعتا الفناء وكل هذه الأقوال صحيحة ولا منافاة بينها والله أعلم وقال قتادة ذواتا أفنان يعني بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سواها وقال محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله وذكر سدرة المنتهى فقال " يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة - أو قال - يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال " ورواه الترمذي من حديث يونس بن بكر وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال حماد ولا أعلمه إلا قدر رفعه في قوله " ولمن خاف مقام ربه جنتان " وفي قوله " ومن دونهما جنتان " قال جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من ورق لأصحاب اليمين " فيهما عينان تجريان " أي تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان فتثمر من جميع الألوان " فبأي آلاء ربكما تكذبان " قال الحسن البصري إحداهما يقال لها تسنيم والاخرى السلسبيل. وقال عطية إحداهما من ماء غير آسن والاخرى من خمر لذة للشاربين ولهذا قال بعد هذا (فيهما من كل فاكهة زوجان) أي من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخير مما يعلمون ومما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " فبأي آلاء ربكما تكذبان " قال إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل وقال ابن عباس ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء يعني أن بين ذلك بونا عظيما وفرقا بينا في التفاضل.
(٢٩٧)