وإن كانوا في الدنيا وضعاء هكذا قال الحسن وقتادة وغيرهما. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو زيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعني حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن أبيه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس " خافضة رافعة " تخفض أقواما وترفع آخرين. وقال عبيد الله العتكي عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب " خافضة رافعة " قال الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ورفعت أولياء الله إلى الجنة وقال محمد بن كعب تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين وقال السدي خفضت المتكبرين ورفعت المتواضعين وقال العوفي عن ابن عباس " خافضة رافعة " أسمعت القريب والبعيد وقال عكرمة خفضت فأسمعت الأدنى ورفعت فأسمعت الأقصى. وكذا قال الضحاك وقتادة.
وقوله تعالى (إذا رجت الأرض رجا) أي حركت تحريكا فاهتزت واضطربت بطولها وعرضها ولهذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغير واحد في قوله تعالى " إذا رجت الأرض رجا " أي زلزلت زلزالا وقال الربيع بن أنس ترج بما فيها كرج الغربال بما فيه وهذا كقوله تعالى " إذا زلزلت الأرض زلزالها " وقال تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم " وقوله تعالى (وبست الجبال بسا) أي فتتت فتا قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم وقال ابن زيد صارت الجبال كما قال الله تعالى " كثيبا مهيلا ".
وقوله تعالى (فكانت هباء منبثا) قال أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه: هباء منبثا كرهج الغبار يسطع ثم يذهب فلا يبقى منه شئ وقال العوفي عن ابن عباس في قوله " فكانت هباء منبثا " الهباء الذي يطير من النار إذا اضطرمت يطير منه الشرر فإذا وقع لم يكن شيئا وقال عكرمة: المنبث الذي قد ذرته الريح وبثته وقال قتادة " هباء منبثا " كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح. وهذه الآية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة وذهابها وتسييرها ونسفها أي قلعها وصيرورتها كالعهن المنفوش. وقوله تعالى (وكنتم أزواجا ثلاثة) أي ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن ويؤتون كتبهم بأيمانهم ويؤخذ بهم ذات اليمين قال السدي وهم جمهور أهل الجنة وآخرون عن يسار العرش وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ويؤتون كتبهم بشمالهم ويؤخذ بهم ذات الشمال وهم عامة أهل النار - عياذا بالله من صنيعهم - وطائفة سابقون بين يديه عز وجل وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء وهم أقل عددا من أصحاب اليمين لهذا قال تعالى " فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة * والسابقون السابقون " وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم وهكذا ذكرهم في قوله تعالى " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله " الآية وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن مجاهد عن ابن عباس عن قوله " وكنتم أزواجا ثلاثة " قال هي التي في سورة الملائكة " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " وقال ابن جريج عن ابن عباس هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة. وقال يزيد الرقاشي سألت ابن عباس في قوله " وكنتم أزواجا ثلاثة " قال أصنافا ثلاثة وقال مجاهد " وكنتم أزواجا ثلاثة " يعني فرقا ثلاثة. وقال ميمون بن مهران أفواجا ثلاثة وقال عبيد الله العتكي عن عثمان بن سراقة بن خالة عمر بن الخطاب " وكنتم أزواجا ثلاثة " اثنان في الجنة وواحد في النار. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن الصباح حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإذا النفوس زوجت " قال: الضرباء كل رجل من كل قوم كانوا يعملون عمله وذلك بأن الله تعالى يقول " وكنتم أزواجا ثلاثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما