متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان (54) فبأي آلاء ربكما تكذبان (55) فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان (56) فبأي آلاء ربكما تكذبان (57) كأنهن الياقوت والمرجان (58) فبأي آلاء ربكما تكذبان (59) هل جزاء الاحسان إلا الاحسان (60) فبأي آلاء ربكما تكذبان (61) يقول تعالى " متكئين " يعني أهل الجنة والمراد بالاتكاء ههنا الاضطجاع ويقال الجلوس على صفة التربيع " على فرش بطائنها من إستبرق " وهو ما غلظ من الديباج قاله عكرمة والضحاك وقتادة وقال أبو عمران الجوني هو الديباج المزين بالذهب فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة فهذا من التنبيه بالأدنى على الاعلى قال أبو إسحاق عن هبيرة بن مريم عن عبد الله بن مسعود قال: هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظواهر؟ وقال مالك بن دينار بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور وقال سفيان الثوري أو شريك بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد وقال القاسم بن محمد بطائنها من استبرق وظواهرها من الرحمة وقال ابن شوذب عن أبي عبد الله الشامي ذكر الله البطائن ولم يذكر الظواهر وعلى الظواهر المحابس ولا يعلم ما تحت المحابس إلا الله تعالى ذكر ذلك كله الإمام ابن أبي حاتم رحمه الله " وجنى الجنتين دان " أي ثمرهما قريب إليهم متى شاءوا تناولوه على أي صفة كانوا كما قال تعالى " قطوفها دانية " وقال " ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا " أي لا تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها (فبأي آلاء ربكما تكذبان) ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك " فيهن " أي في الفرش " قاصرات الطرف " أي غضيضات عن غير أزواجهن فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن قاله ابن عباس وقتادة وعطاء الخراساني وابن زيد وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ولا في الجنة شيئا أحب إلي منك فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان " أي بل هن أبكار عرب أتراب لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن وهذه أيضا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة. قال أرطاة بن المنذر سئل ضمرة بن حبيب هل يدخل الجن الجنة؟ قال نعم وينكحون للجن جنيات وللانس إنسيات وذلك قوله " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان ". ثم قال ينعتهن للخطاب " كأنهن الياقوت والمرجان " قال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم في صفاء الياقوت وبياض المرجان فجعلوا المرجان ههنا اللؤلؤ. وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن حاتم حدثنا عبيد بن حميد عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون الأودي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير حتى يرى مخها " وذلك قول الله تعالى " كأنهن الياقوت والمرجان " فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه وهكذا رواه الترمذي من حديث عبيدة بن حميد وأبي الأحوص عن عطاء بن السائب به ورواه موقوفا ثم قال وهو أصح. وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا يونس عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب " تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه وقد روى مسلم حديث إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين قال إما تفاخروا وإما تذاكروا الرجال أكثر في الجنة أم النساء؟ فقال أبو هريرة أو لم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب " وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث همام بن منبه وأبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الإمام أحمد حدثنا أبو النضر حدثنا محمد بن طلحة عن حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس
(٢٩٨)