عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه " ثم قال لا نعلمه يروى إلا بهذا الاسناد وقال الإمام أحمد حدثنا يونس حدثنا ليث عن محمد بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا أقول إلا حقا " قال بعض أصحابه فإنك تداعبنا يا رسول الله؟ قال " إني لا أقول إلا حقا ".
علمه شديد القوى (5) ذو مرة فاستوى (6) وهو بالأفق الاعلى (7) ثم دنا فتدلى (8) فكان قاب قوسين أو أدنى (9) فأوحى إلى عبده ما أوحى (10) ما كذب الفؤاد ما رأى (11) أفتمارونه على ما يرى (12) ولقد رآه نزلة أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14) عندها جنة المأوى (15) إذ يغشى السدرة ما يغشى (16) ما زاغ البصر وما طغى (17) لقد رأى من آيات ربه الكبرى (18) يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنه علمه الذي جاء به إلى الناس " شديد القوى " وهو جبريل عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى " إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ".
قال ههنا " ذو مرة " أي ذو قوة قاله مجاهد والحسن وابن زيد وقال ابن عباس: ذو منظر حسن وقال قتادة ذو خلق طويل حسن ولا منافاة بين القولين فإنه عليه السلام ذو منظر حسن وقوة شديدة وقد ورد في الحديث الصحيح من رواية ابن عمر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مره سوي " وقوله تعالى " فاستوى " يعني جبريل عليه السلام قاله الحسن ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس (وهو بالأفق الاعلى) يعني جبريل استوى في الأفق الاعلى. قاله عكرمة وغير واحد. قال عكرمة: والأفق الاعلى الذي يأتي منه الصبح وقال مجاهد هو مطلع الشمس وقال قتادة هو الذي يأتي منه النهار وكذا قال ابن زيد وغيرهم وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا مصرف بن عمرو اليامي أبو القاسم حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف حدثني أبي عن الوليد هو ابن قيس عن إسحاق بن أبي الكهتلة أظنه ذكره عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل في صورته إلا مرتين أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد فذلك قوله " وهو بالأفق الاعلى " وقد قال ابن جرير ههنا قولا لم أره لغيره ولا حكاه هو عن أحد وحاصله: أنه ذهب إلى أن المعنى فاستوى أي هذا الشديد القوى ذو المرة هو ومحمد صلى الله عليه وسلم بالأفق الاعلى أي استويا جميعا بالأفق الاعلى وذلك ليلة الاسراء كذا قال ولم يوافقه أحد على ذلك ثم شرع يوجه ما قاله من حيث العربية فقال وهو كقوله " أئذا كنا ترابا وآباؤنا " فعطف بالآباء على المكنى في كنا من غير إظهار نحن فكذلك قوله فاستوى وهو قال وذكر الفراء عن بعض العرب أنه أنشده:
ألم تر أن النبع يصلب عوده * ولا يستوي والخروع المتقصف وهذا الذي قاله من جهة العربية متجه ولكن لا يساعده المعنى على ذلك فإن هذه الرؤية لجبريل لم تكن ليلة الاسراء بل قبلها ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض فهبط عليه جبريل عليه السلام وتدلى إليه فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى يعني ليلة الاسراء وكانت هذه الرؤية الأولى في أوائل البعثة بعدما جاءه جبريل عليه السلام أول مرة فأوحى الله إليه صدر سورة اقرأ ثم فتر الوحي فترة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم فيها مرارا ليتردى من رؤوس الجبال فكلما هم بذلك ناداه جبريل من الهواء يا محمد أنت رسول الله حقا وأنا جبريل فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه وكلما طال عليه الامر عاد لمثلها حتى