كالشئ الهالك البالي وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي عبد الله بن وهب حدثني عبد الله يعني ابن عياش الغساني حدثني عبد الله بن سليمان عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الريح مسخرة من الثانية - يعني من الأرض الثانية - فلما أراد الله تعالى أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا قال أي رب أرسل عليهم الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار تبارك وتعالى لا إذا تكفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله عز وجل في كتابه " ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم " هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك والله أعلم قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله تعالى " إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم " قالوا هي الجنوب. وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور " (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين) قال ابن جرير يعني إلى وقت فناء آجالكم والظاهر أن هذه كقوله تعالى " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون " وهكذا قال ههنا " وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون " وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار (فما استطاعوا من قيام) أي من هرب ولا نهوض (وما كانوا منتصرين) أي ولا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه. وقوله عز وجل " وقوم نوح من قبل " أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء " إنهم كانوا قوما فاسقين " وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة والله تعالى أعلم.
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون (47) والأرض فرشناها فنعم الماهدون (48) ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (49) ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين (50) ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين (51) يقول تعالى منبها على خلق العالم العلوي والسفلي " والسماء بنيناها " أي جعلناها سقفا محفوظا رفيعا " بأيد " أي بقوة قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والثوري وغير واحد " وإنا لموسعون " أي قد وسعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد حتى استقلت كما هي " والأرض فرشناها " أي جعلناها فراشا للمخلوقات " فنعم الماهدون " أي وجعلناها مهدا لأهلها " ومن كل شئ خلقنا زوجين " أي جميع المخلوقات أزواج سماء وأرض وليل ونهار وشمس وقمر وبر وبحر وضياء وظلام وإيمان وكفر وموت وحياة وشقاء وسعادة وجنة ونار حتى الحيوانات والنباتات ولهذا قال تعالى " لعلكم تذكرون " أي لتعلموا أن الخالق واحد لا شريك له (ففروا إلى الله) أي الجأوا إليه واعتمدوا في أموركم عليه " إني لكم منه نذير مبين " * ولا تجعلوا مع الله إلها آخرا " أي لا تشركوا به شيئا " إني لكم منه نذير مبين ".
كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون (52) أتواصوا به بل هم قوم طاغون (53) فتول عنهم فما أنت بملوم (54) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين (55) وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (56) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (57) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (58) فإن للذين ظلموا ذنوبا