قال فذاك قوله في كتابه " ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى " فجعل نور بصري في فؤادي فنظرت إليه بفؤادي " إسناده ضعيف. وقد ذكر الحافظ ابن عساكر بسنده إلى هبار بن الأسود رضي الله عنه أن عتبة بن أبي لهب لما خرج في تجارة إلى الشام قال لأهل مكة اعلموا أني كافر بالذي دنا فتدلى فبلغ قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (سيرسل الله عليه كلبا من كلابه) قال هبار فكنت معهم فنزلنا بأرض كثيرة الأسد قال فلقد رأيت الأسد جاء فجعل يشم رؤوس القوم واحدا واحدا حتى تخطى إلى عتبة فاقتطع رأسه من بينهم. وذكر ابن إسحاق وغيره في السيرة أن ذلك كان بأرض الزرقاء وقيل بالسراة وأنه خاف ليلتئذ وأنهم جعلوه بينهم وناموا من حوله فجاء الأسد فجعل يزأر ثم تخطاهم إليه فضغم رأسه لعنه الله. وقوله تعالى (ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى) هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها وكانت ليلة الاسراء. وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الاسراء بطرقها وألفاظها في أول سورة سبحان بما أغنى عن إعادته ههنا. وتقدم أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يثبت الرؤية ليلة الاسراء ويستشهد بهذه الآية وتابعه جماعة من السلف والخلف وقد خالفه جماعات من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وغيرهم. وقال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود في هذه الآية " ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت جبريل وله ستمائة جناح ينتثر من ريشه التهاويل من الدر والياقوت " وهذا إسناد جيد قوي وقال أحمد أيضا حدثنا يحيى بن آدم حدثنا شريك عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد الله قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق: يسقط من جناحه من التهاويل من الدر والياقوت ما الله به عليم. إسناده حسن أيضا. وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين حدثني عاصم بن بهدلة قال: سمعت شقيق بن سلمة يقول سمعت ابن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت جبريل على سدرة المنتهى وله ستمائة جناح " سألت عاصما عن الأجنحة فأبى أن يخبرني قال فأخبرني بعض أصحابه أن الجناح ما بين المشرق والمغرب وهذا أيضا إسناد جيد وقال أحمد حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حسين حدثني عاصم بن بهدلة حدثني شقيق بن سلمة قال سمعت ابن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتاني جبريل عليه السلام في حصر معلق به الدر " إسناده جيد أيضا. وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى عن إسماعيل حدثنا عامر قال أتى مسروق عائشة فقال يا أم المؤمنين هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل؟ قالت سبحان الله لقد قف شعري لما قلت أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ثم قرأت " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب " ومن أخبرك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام " الآية. ومن أخبرك أن محمدا قد كتم فقد كذب ثم قرأت " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " ولكنه رأى جبريل في صورته مرتين. وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا محمد بن أبي عدي عن داود عن الشعبي عن مسروق قال كنت عند عائشة فقلت أليس الله يقول " ولقد رآه بالأفق المبين " " ولقد رآه نزلة أخرى " فقالت أنا أول هذه الأمة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال " إنما ذاك جبريل " لم يره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين رآه منهبطا من السماء إلى الأرض سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض أخرجاه في الصحيحين من حديث الشعبي به.
" رواية أبي ذر " قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة عن عبد الله بن شقيق قال قلت لأبي ذر لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته قال وما كنت تسأله؟ قال كنت أسأله هل رأى ربه عز وجل فقال إني قد سألته فقال " قد رأيته نورا أنى أراه " وهكذا وقع في رواية الإمام أحمد وقد أخرجه مسلم من طريقين بلفظين فقال حدثنا أبو