تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٢٦٠
علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ". وقوله تعالى " كل امرئ بما كسب رهين " لما أخبر عن مقام الفضل وهو رفع درجة الذرية إلى منزلة الآباء عن غير عمل يقتضي ذلك أخبر عن مقام العدل وهو أنه لا يؤاخذ أحدا بذنب أحد فقال تعالى " كل امرئ بما كسب رهين " أي مرتهن بعمله لا يحمل عليه ذنب غيره من الناس سواء كان أبا أو ابنا كما قال تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين " وقوله (وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون) أي وألحقناهم بفواكه ولحوم من أنواع شتى مما يستطاب ويشتهي. وقوله " يتنازعون فيها كأسا " أي تعاطون فيها كأسا أي من الخمر قاله الضحاك " لا لغو فيها ولا تأثيم " أي لا يتكلمون فيها بكلام لاغ أي هذيان ولا إثم أي فحش كما يتكلم به الشربة من أهل الدنيا قال ابن عباس: اللغو الباطل والتأثيم الكذب وقال مجاهد لا يستبون ولا يؤثمون وقال قتادة كان ذلك في الدنيا مع الشيطان فنزه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وأذاها كما تقدم فنفى عنها صداع الرأس ووجع البطن وإزالة العقل بالكلية وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السئ الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا وأخبر بحسن منظرها وطيب طعمها ومخبرها فقال " بيضاء لذة للشاربين * لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " وقال " لا يصدعون عنها ولا ينزفون " وقال ههنا " يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ". وقوله تعالى " ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون " إخبار عن خدمهم وحشمهم في الجنة كأنهم اللؤلؤ الرطب المكنون في حسنهم وبهائهم ونظافتهم وحسن ملابسهم كما قال " ويطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين ". وقوله تعالى (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) أي أقبلوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا وهذا كما يتحدث أهل الشراب على شرابهم إذا أخذ فيهم الشراب بما كان من أمرهم (قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) أي كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلينا خائفين من ربنا مشفقين من عذابه وعقابه (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) أي فتصدق علينا وأجارنا مما نخاف " إنا كنا من قبل ندعوه " أي نتضرع إليه فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا " إنه هو البر الرحيم ".
وقد ورد في هذا المقام حديث رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده فقال حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا سعيد بن دينار حدثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أهل الجنة الجنة اشتاقوا إلى الاخوان فيجئ سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا فيتحدثان فيتكئ هذا ويتكئ هذا فيتحدثان بما كان في الدنيا فيقول أحدهما لصاحبه يا فلان تدرى أي يوم غفر الله لنا؟ يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله عز وجل فغفر لنا " ثم قال البزار لا نعرفه يروى إلا بهذا الاسناد قلت وسعيد بن دينار الدمشقي قال أبو حاتم هو مجهول وشيخه الربيع بن صبيح وقد تكلم فيه غير واحد من جهة حفظه وهو رجل صالح ثقة في نفسه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة أنها قرأت هذه الآية " فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم * إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم " فقالت اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إنك أنت البر الرحيم. قيل للأعمش في الصلاة؟ قال نعم.
فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون (29) أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون (30) قل تربصوا فإني معكم من المتربصين (31) أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون (32) أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون (33) فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين (34) يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ رسالته إلى عباده وأن يذكرهم بما أنزل الله عليه ثم نفى عنه ما يرميه به أهل
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615