أهون على الله عز وجل من أن تبكي عليهم السماء والأرض وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد السلام بن عاصم حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا المستورد بن سابق عن عبيد المكتب عن إبراهيم قال ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين قلت لعبيد أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن؟ قال ذاك مقامه حيث يصعد عمله قال وتدري ما بكاء السماء؟ قلت لا قال تحمر وتصير وردة كالدهان: إن يحيى بن زكريا عليه الصلاة والسلام لما قتل احمرت السماء وقطرت دما وإن الحسين بن علي رضي الله عنهما لما قتل احمرت السماء. وحدثنا علي بن الحسين حدثنا أبو غسان محمد بن عمر وزنيج حدثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد قال لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما احمرت آفاق السماء أربعة أشهر قال يزيد واحمرارها بكاؤها وهكذا قال السدي في الكبير وقال عطاء الخراساني بكاؤها أن تحمر أطرافها وذكروا أيضا في مقتل الحسين رضي الله عنه أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط وأنه كسفت الشمس واحمر الأفق وسقطت حجارة وفي كل من ذلك نظر والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الامر ولا شك أنه عظيم ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين رضي الله عنه ولم يقع شئ مما ذكروه فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أفضل منه بالاجماع ولم يقع شئ من ذلك وعثمان بن عفان رضي الله عنه قتل محصورا مظلوما ولم يكن شئ من ذلك وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل في المحراب في صلاة الصبح وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شئ من ذلك وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شئ مما ذكروه ويوم مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم خسفت الشمس فقال الناس خسفت لموت إبراهيم فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته. قوله تبارك وتعالى " ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين * من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين " يمتن عليهم تعالى بذلك حيث أنقذهم مما كانوا فيه من إهانة فرعون وإذلاله لهم وتسخيره إياهم في الأعمال المهينة الشاقة وقوله تعالى " من فرعون إنه كان عاليا " أي مستكبرا جبارا عنيدا كقوله عز وجل " إن فرعون علا في الأرض " وقوله جلت عظمته " فاستكبروا وكانوا قوما عالين " من المسرفين أي مسرف في أمره سخيف الرأي على نفسه. وقوله جل جلاله " ولقد اخترناهم على علم على العالمين " قال مجاهد " اخترناهم على علم على العالمين " على من هم بين ظهريه وقال قتادة اختيروا على أهل زمانهم ذلك وكان يقال إن لكل زمان عالما وهذا كقوله تعالى " قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس " أي أهل زمانه ذلك كقوله عز وجل لمريم عليها السلام " واصطفاك على نساء العالمين " أي في زمنها فإن خديجة رضي الله عنها إما أفضل منها أو مساوية لها في الفضل وكذا آسية بنت مزاحم امرأة فرعون وفضل عائشة رضي الله عنه على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. قوله جل جلاله " وآتيناهم من الآيات " أي الحجج والبراهين وخوارق العادات " ما فيه بلاء مبين " أي اختبار ظاهر جلي لمن اهتدى به.
إن هؤلاء ليقولون (34) إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين (35) فأتوا بآبأئنا إن كنتم صادقين (36) أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين (37) يقول تعالى منكرا على المشركين في إنكارهم البعث والمعاد وأنه مأثم إلا هذه الحياة الدنيا ولا حياة بعد الممات ولا بعث ولا نشور ويحتجون بآبائهم الماضين الذين ذهبوا فلم يرجعوا فإن كان البعث حقا " فأتوا بآبائنا إن كنتم